العدد صفر / 2005م - 1425هـ

     رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

.

الافتتاحية

رسالة النجف في جبل عامل

الشيخ علي كوراني*

رسالة النجف في جبل عامل، اسمها يختصر المشروع والأهداف.. غني واضح، كرسالة بخط علي عليه السلام ، حملها أبو ذر الغفاري إلى الشام وبيروت والصرفند وميس الجبل.

رسالة النجف، تلقاها عليٌّ من النبي(صلى الله عليه وآله) حارّةً عندما نزل بها جبرئيل الأمين، فوهب لها حياته، إيمانًا وصدقًا، وعلمًا وعملًا، سلمًا وحربًا، ليلًا ونهارًا.. جنبًا إلى جنب حبيبه رسول الله(صلى الله عليه وآله)يبني الأمة، ويرسي الرسالة، ويزيح العقبات، ويواجه رياح البدو الهوج.

وبعد ربع قرن من النكران، ألقت إليه الأمة قيادها، شاكية ظلم بني أمية، فنهض علي(عليه السلام)ليضمد جراحها، ويعيد عدل العهد النبوي، ويجاهد على التأويل كما جاهد على التنزيل.

وحطَّ أمير المؤمنين(عليه السلام)في العراق، ليتخذه عاصمةً أقربَ إلى حضارات العالم وبحارها، على مصاعب فيه ومتاعب، فقد اختاره الله ليكون عاصمة علي وعاصمة أولاده الطاهرين(عليهم السلام).

وحتى يأتي اليوم الموعود ويكون العراق عاصمة العالم، ويملأ الله منه الأرض قسطًا وعدلاً.. صار مثوى علي في النجف عاصمةَ علمٍ، يفيض شعاعها على الدنيا، على يد علماء أبرار، في طليعتهم علماء جبل عامل !

أنشودة العاملي الإنسانية

رسالة النجف في جبل عامل، أنشودة إنسانية محببة، وجذوة قلب العاملي المتوهجة، يفتح عليها قلبه وعينية، حبًا وولاءً وهيامًا، بأولي العلم والرسالة، أهل بيت النبوة الأطهار(عليهم السلام)، ينشر من حوله أريجهم، ويتلو سيرتهم، ويفتخر بولائهم:

أنا  يا سادتي  ربيبُ   حُجُور
مُعْـرقٌ في ولائكم من جذوري
فَخْرُنا أننا مَوالي عليٍّ
أرضعتنيه حُرَّةٌ  معْ  حليبي

 

 

زاكيـاتٍ  بحبكـم، وأصـول
فـي رُبى عامـلٍ بأرضِ الجليلِ
اسمـه  عنـدنـا  شفـاءُ العليل
فجرى في دمي  وحَـلَّ  غليلي
 

وكما يتشوق العاملي لعلي(عليه السلام)، يتشوق لرسالة علي من النجف وحوزتها، والفكر الذي يحمله علماؤها، والروح، والسلوك.. قبسًا ربانيًا، ينثره حاملوه في حقول جبل عامل، ويغرسونه في قلوب أبنائه.

 حوزات جبل عامل فروع وجذور

   إن احتضان جبل عامل لفروع حوزة علي(عليه السلام) في النجف الأشرف، عراقةٌ ضاربة الجذور في تاريخه، وحاجة يعيشها في حاضره، وضرورة يعتقدها لمستقبله.. ذلك أن رسالة علي(عليه السلام)اختياره جبل عامل.. وقدره.

   وطالما اهتم علماؤنا الأبرار رضوان الله عليهم، بأن يغترفوا من علوم علي(عليه السلام)، وينشئوا لها المدارس والحوزات، لتربية الطلبة وتخريج العلماء، لجبل عامل، وللعالم كله.

وأي عصر أولى من عصرنا هذا، بأن نعزز هذه الصروح المباركة، وها هو عالمنا يدخل في عصر أهل البيت الطاهرين(عليهم السلام)، فيفتح أهله عقولهم والقلوب بعد إعراض، لمعرفة هؤلاء الأئمة المعصومين المضطهدين من آل النبي(صلى الله عليه وآله)، المضطهد فكرهم ومن ينتمي إليهم !

وها هي ثمار الأفكار والأفئدة تتجه إلينا لكي نعرفها بهم، تصديقًا لقول أمير المؤمنين(عليه السلام): ( لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها ).

ومن أولى بإنشاء فرع لحوزة النجف وإثرائها من [مفيد جبل عامل]([1]) الذي أمضى عمرًا مليئًا في جوار أمير المؤمنين(عليه السلام)، وتخرج مجتهدًا على أساطين مراجعها، وربّى جيلاً من العلماء والنابغين، وعايش عمق الفكر في نجف علي(عليه السلام)، وخامر شغاف روحها؟

أملي بالله تعالى أن تتميز هذه الحوزة بالعمق والأصالة، وأن تحمل رسالة النجف بالحق والجدارة، فتربي جيلًا من العلماء الفضلاء، تشع بهم ومنهم أنوار الرسالة المحمدية العلوية، على جبل عامل، والعالم.

ـــــــــــــــــــــــــ

*  مفكر إسلامي وباحث في شؤون العقيدة.

[1] سماحة الحجة الشيخ مفيد الفقيه مؤسس جامعة النجف الأشرف للعلوم الدينية في حاريص.

                 أعلى الصفحة     رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية