السنة التاسعة / العدد الرابع والعشرون / كانون أول  2013م / صفر  1435هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

دغدغاتٌ نحويّةٌ

من كتاب كشكول الشّيخ بهاء الدّين محمّد العامليّ (ت1030هـ)( *)

الدّكتور أكرم محمّد نبها

الشيخ بهاء الدّين محمّد العاملي (953هـ -1030هـ) ابن الشّيخ حسين بن عبد الصّمد الجبعيّ العامليّ (ت984هـ)، والشيخ حسين من مشايخ جبل عامل العظام "كان فاضلاً، عالمًا، أصوليًّا، مُتكلّمًا، فقيهًا، مُحدّثًا، شاعرًا، ماهرًا في صنعة اللّغز"([1])، درّسَ إلى جانب أستاذه الشهيد الثاني([2]) في المدرسة النّوريّة في بعلبك سنة 953هـ، وكانا قد حصلا على أمر التّدريس من اسطنبول في السّنة نفسها؛ هاجر إلى إيران الصّفويّة هربًا من الظّلم العثمانيّ.

وُلِدَ الشيخ البهائيّ في بعلبك يوم الأربعاء 17 ذي الحجّة سنة 953هـ، وهاجرَ مع أبيه إلى إيران سنة (959 أو960) للهجرة، فَنَبَغَ وأَبْدَعَ وسَحَرَ الألبابَ، ولا غرو أن يكون هذا الشيخُ نابغةَ عصره، وهو الذي نشأ في بيتٍ علميٍّ أدبيٍّ مميّز..

أخذَ الأبُ بيد الابن وأوصلهُ إلى ذرى المجد في العلم والمكانة والسّؤدد، وهو الذي تعهّده بالعلم والمعرفة والأدب والدّين، وقدّرَ اللهُ للبهائيّ علماءَ صقلوا مواهبَهُ، وتعهدوا ذكاءَهُ بالرّعاية والاهتمام، وكان لاقترانه بابنة شيخ الإسلام الشيخ علي المنشار زين الدّين العاملي([3]) قيمةٌ إضافيّةٌ، فكانت الزّوجة عالمةً فاضلةً أديبةً فقيهةً، وهي وحيدة أبيها، ورثت عنه مكتبة ضخمة عدد كتبها تجاوز الأربعة آلاف في شتى العلوم، ولنا أن نتخيّلَ العناوين الكثيرة التي اطّلعَ عليها الشيخ البهائيّ، بالإضافة إلى اطّلاعه على المكتبات العامّة والخاصّة في إيران بحكم منصبه الرسميّ الرفيع.

تكوّنت ثقافة الشيخ ووُسِمَتْ روحُهُ بالعلوم العقليّة والنقليّة ومبادئ السّير والسّلوك والأخلاق الحميدة، وكان من نتاج ذلك تلك الغزارة والتّنوّع في عناوين مؤلّفات البهائيّ، فقد ألّفَ في الفقه والحساب والأدب والفلك والأصول والعقائد والهندسة والكلام والألغاز..

اصطحبَ الشّيخُ حسين بن عبد الصّمد ولدَهُ البهائيّ إلى هراةَ سنة 975هـ، وفيها ألّفَ البهائيّ كتاب (الفوائد الصّمديّة في النحو) لأخيه عبد الصّمد، وسمّاهُ باسمه، وأتمّ تأليفه في شوال سنة 975هـ، وكان عبد الصّمد دون العاشرة من عمره "فتولّى البهائيّ تدريسه المبادئ، وهو الذي باشر التدريس في هراة سنة 983هـ، وكان في حوالي الثلاثين من عمره"([4])

وللشيخ البهائي مؤلّفات وألغازٌ نحويّة منها: (الفوائد الصّمديّة)([5])، (لغز الكافية في النحو)([6])، و (لغز الفوائد الصّمديّة)([7])، وهذان اللّغزان الأخيران مذكوران في (الكشكول) في الجزء الأول صفحة 267، وفي الجزء الثالث صفحة 408.

وكنتُ أتمنّى أن أضعَ يدي على مُؤلَّف البهائيّ (الفوائد الصّمديّة في النحو) علّني أقعُ على شيءٍ من فوائده وفرائده في علم النّحو، بيدَ أنّ الدّكتورة دلال عبّاس وصفت هذا المُصنّف([8]) بقولها: "بسطَ الشيخ البهائيّ بها مطالب النحو ومباحثه المعقّدة، وهو وضعَ هذا المؤلّف حينَ أشفقَ على أخيه الصغير وعلى أترابه وتلامذته من كتب النحو المعقّدة، فأخرج كتابًا في النحو الميسّر، وقسّمَ الشيخُ كتابه إلى أبواب سمّاها حدائق، وقسّمَ الحدائق إلى فصول، وفي كلّ فصلٍ مطالب، وفي كلّ مطلب تنبيه وتوضيح إذا اقتضى الأمر، وهذه القدرة على التبويب والتبسيط لا يدركها إلا مَنْ كان معلّمًا، وكان التعليم بالنّسبة إليه حياةً واستمرارًا، وفِعْلَ تغيير مستقبليّ.. ونحن نرى أنّ هذا الكتاب إذا أعيدَ طبعه بحلّة جديدة فهو يصلحُ لأنّ يدرّس في مُختلف المراحل، لأنّه خلاصة علم النحو وقواعده الأساسيّة"([9]).

إنّ بحثي ينحصرُ بلُمعٍ نحويّة لغويّة أوردها الشيخ البهائيّ في مؤلّفه الموسوعيّ (الكشكول)، وأسميتُها (دغدغات نحويّة)، واللّفظة استعملها الشّيخ البهائيّ أثناء تعليقه على مسألة نحويّة، قال: "ولكاتب الأحرف هنا دغدغة.."([10])، وهذه الدّغدغات عبارة عن مباحث نحويّة ولغويّة أومأ إليها الشيخ في كشكوله إيماءات سريعة، فكان يُصحّحُ خطأً لغويًّا وردَ في معجم لغويّ، فيستبعدُ رأي صاحبه، من دون أن يعلّل أو يوضّح ذلك، وإنما يكتفي بقوله: "وهو بعيدٌ جدًّا. فليتدبر بذلك"، أو كان يردُّ رأيًا نحويًا فيقول "وليس الأمرُ كذلك"، ثمّ يوردُ التصحيح مستشهدًا بآيات من القرآن الكريم، وكانت له ترجيحاتٌ وتصويباتٌ تتعلّق بالغرض من التمييز الرافع للإبهام، فيقول "وربّما لا يرفع الإبهام، فقد يكون للتوكيد"، وقد ذبَّ الشيخ عن رأيٍ نحويٍّ للزمخشريّ ودغدغ النّحاة دغدغات خفيفة بإشكالياته، فكان يقوم بتخريجات نحوية منطقية فلسفيّة قال عنها هو نفسه أنّها (مُتكلّفة)، وكأنّه كان يأبى إلا أن يُعمِلَ ثقافتَهُ الحوزويّةَ القائمةَ على الفنقلةِ (فإن قلتَ قلتُ)، وقد تبتعدُ تخريجاتُهُ أحيانًا عن منطق النّحو واللّغة لتميلَ إلى الدّرس الأصوليّ، المنطقيّ، الفقهيّ والفلسفيّ، ولا غرو في ذلك لأنّه شيخ الإسلام المُشبَع بالثقافة الدّينيّة الحوزويّة، فمن الطبيعيّ أن يستخدم الأقيسة المنطقيّة في الدّرس النّحوي واللّغويّ، وربّما أعملَ قلمَهُ فألغز وأبهمَ المسائل النحويّة، ولَكَأَنَّ قلمَهُ المعتاد على الألغاز، التي برعَ بها، أبى إلا أن ينغمسَ في الدّرس النّحويّ، فكان الشرحُ والتوضيحُ منّي على قدر الفهم والإدراك لألغاز الشيخ.

إنّ تناولي مواد البحث سوف يتدرّج، فأتناول الأمورَ النّحويّة واللّغويّة التي استبعدَ فيها الشّيخ رأي بعض النحاة أو خالفهم وصوّب تعريفاتهم، ثمّ أنتقلُ إلى دغدغات الشّيخ للنّحاة، وفيها ذبٌّ عن آراء نحويّة قال عنها الشّيخ نفسه أنها متكلّفة، وختمتُ البحث بأمورٍ بلاغية أو نحويّة راقت للشيخ فعبرّ عن إعجابه بها. 

استبعاد   

أورد الشيخ البهائي في كشكوله كلامًا يستبعدُ فيه رأيًا للفيروزآبادي صاحب القاموس المحيط في اللّغة، قال فيه: "الإِنْس: البشر، كالإِنسان، الواحدُ إِنْسِيّ، ج. أُناسِيّ. وقال في فصل النون: النّاسُ يكونُ من الإنْس ومن الجنّ، جمعُ إِنْس، أصلُهُ أُناس، جمعٌ عزيزٌ أُدخل عليه (أل)"([11]).

ويعقّبُ الشيخ البهائيّ على كلام الفيروزآبادي بقوله: "إنّ كلامَ القاموس صريحٌ في جواز إطلاق الإنس على الجنّ، وهو بعيدٌ جدًّا. فليتدبر بذلك"([12]) .

النّاسُ والبشر والإنس نظائرُ، وهي الجماعة المتميّزة بالصّورة الإنسانيّة. و(النّاس) أصلُهُ (أُناس) مشتقٌّ من الأُنْس ضدّ الوحشة" فالإنسانُ يأنسُ بجنسِهِ لأنّه مدنيٌّ بالطّبع"([13]).

قال سيبويه والفراء: "النّاس أصلُهُ (أُناس)، فإذا دخلت الألف واللام قلتَ (النّاس)، إلا أنّ (النّاس) قد يفارقهم الألف واللام ويكون نكرةً (ناس)"([14]).

إنّ أصلَ مادّة (النّاس) قد يكون (أَنَسَ) أو (نَوَسَ)، قال الخليل بن أحمد الفراهيدي: "ناس ينوسُ نوسًا. وأصل النّاس: أُناس، إلاّ أنّ الألف حذفت من (الأناس) فصارت: ناسًا"([15]).

وذهبَ الكسائيُّ إلى أنّ مادّة (النّاس) من (نَوَسَ) أو من (أَنَسَ) "وهما لغتان، إحداهما أولى من الأخرى، يدلّ على ذلك أنّ العربَ تُصغّرُ ناسًا نويسًا، ولو كان ذلك الأصل [أي أَنَسَ] لقالوا (في تصغيره): أُنيِّس"([16])، " وليس من العرب أحدٌ إلا يقول (نُويس)"([17]).

قال البصريّون بمقالة سيبويه، ومنهم صاحب القاموس، فـ"(النّاس) عندهم أصلُهُ (أُناس)، جمعٌ عزيزٌ أُدخل عليه (أل)"، فـ(النّاس) بُنيتُها مؤلّفة من (أل + أُناس) "والألف في (أُناس) أصليّةٌ، ثمّ زِيدت عليه (أل) صار الإسمُ (الأُناس)، ثمّ كثرت في الكلام، فكانت الهمزة واسطةً، فاستثقلوها فتركوها، وصار باقي الإسم (أَلُناس) ـ بتحريك اللام بالضّمة ـ فلمّا تحرّكت اللام والنون أدغموا اللام في النون، فقالوا: النّاس، فلمّا طرحوا الألف واللام ابتدأوا الإسم، فقالوا: قال ناسٌ من النّاس، وهذا تعليل النحويين"([18])، وجزم سلمة بن عاصم "أنّ كلاً من (ناس) و (أُناس) مادّة مستقلة"([19]).

وقالوا: "النّاس قد يكون من الإِنْس ومن الجنّ، وأصلُهُ (أُناس)، فخُفّف"([20])، وكلامهم هذا يؤكّد أنّ (النّاس) "مشتقٌّ من (النّوس)، وهو التّحرّك، وهو على هذا شاملٌ للملائكة أيضًا، وممّن صرّح من أهل اللغة بأنّ (النّاس) يكون من الإِنْس ومن الجنّ الإمامُ أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الفارابيّ في كتابه (ديوان الأدب)"([21])، "و(الإِنْس)، البشر، الواحدُ إِنْسِيّ و أَنْسِيّ أيضًا"([22])، وهذا يعني أنّنا نستطيعُ أن نقول: إِنْسٌ كثيرٌ كما تقول: بشرٌ كثير، وتقول: إِنْسِيٌّ واحدٌ كما تقول: بشريّ واحدٌ. وفي الحديث أنّه نهى عن الحُمُر الإنْسيّة يومَ خيبر([23])، التي تألف البيوت، والمشهور فيها كسر الهمزة، منسوبة إلى (الإنْس)، وهم بنو آدم، والواحدُ إنْسيّ"([24]).

مما سبق نستنتجُ أنّ (الإنْس) وجمعه (أُناس) أو (النّاس) تُطلقُ على جماعة النّاس من البشر من وِلْدِ آدم (عليه السلام) على وجه الحقيقة، فهل يصحّ أن يُطلق مثل ذلك على الجنّ على ما ذهب إليه صاحب القاموس واستبعده الشيخ البهائيّ؟

حكى ابن خالويه، قال: "قالت العرب: ناسٌ من الجنّ، وهو مجازٌ، إذ أصلُهُ في بني آدم"([25])، إنّ إطلاقَ (الإنْس) على الجنّ ضربٌ من المجاز، وهو استعمال لا وضوحَ فيه، لأنّ مـا يقابل الجنّ ـ بحسب الاستعمال ـ هو الإنْس، والاستعمال أعمّ، ومن المتبادر الى الذّهن أن (الإنْس) منصرفٌ عن الجنّ، وهذا هو المطّرد، وما أوردتْهُ بعض المعاجم والكتب الأدبيّة من إطلاق (الإنْس) على الجنّ على وجه الحقيقة غير ثابتٍ، ولا دليل عليه، وهو في البشر وأبناء آدم واضح الدِلالة، قولهم: ناسٌ من الجنّ أُريدَ به: قومٌ من الجنّ، أو طائفة من الجنّ، تشبيهًا لهم بالإنْس، وحملُ الشيء على الشيء إذا اتفقا من وجهٍ جائزٌ، ومثله ما رواه الفراء، قال: " قال بعضُ العرب، وهو يحدّث: جاء قومٌ من الجنّ فوقفوا، فقيل: مَنْ أنتم؟ فقالوا: أُناسٌ من الجنّ. وقال جلّ وعزّ )قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا(([26]) فجعل النّفر من الجنّ كما جعلهم من النّاس، فقال جلّ وعزّ )وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا(([27]) فسمّى الرّجال من الجن والإنْس"([28])، "وذلك أنّ المعهودَ في الكلام إذا قيل للناس: مَن أنتم؟ قالوا: ناسٌ من بني فلان، فلمّا كثرَ ذلك استعملوه في الجنّ على المعهود من كلامهم مع الإنْس، والشيءُ يُحملُ على الشيءِ من وجهٍ يجتمعان فيه وإنْ تباينا من وجهٍ آخر"([29])، وعليه يكون قولنا: ناسٌ من الجنّ مجازًا، والحقيقة: ناسٌ من بني فلان من البشر من وِلْدِ آدم.

ثمّ إنّ (الإنْسَ) وضعَ مقابل (الجنّ)، فكما أنّ الأوّلَ يختصّ بالظّهور والمشاهدة العينيّة، فإنّ الآخر يختصّ بالخفاء وعدم الرؤية، قال الأزهريُّ: "وأصلُ الإنْس والأَنَسِ والإنسان من الإيناس، وهو الإبصار، يقال: أَنَسْتهُ وأنِسْته: أي أبصرته، وقيل للإنْس إنْسٌ لأنّهم يُؤنسون: أي يُبصرون، كما قيل للجنَ جِنّ لأنّهم لا يؤنسون أي لا يرون..قال نفطويه: سُمّيَ الإنْسيّون إنْسييّن لأنّهم يُؤنسون، أي: يُرون، وسُمّيَ الجنّ جِنًّا لأنّهم مجتنّون عن رؤية النّاس، أي: متوارون"([30]).

أقول ما قاله الشيخ البهائيّ وآخرون أنّ اللغة العربيّة أوجدت لفظين لِقومَيْن مختَلِفَيْن، أحدهما (الإنْس) وهم جماعة النّاس من قوم البشر من أبناء آدم، وهم يرون بالأبصار، وثانيهما (الجنّ) وهم قومٌ آخرون متوارون عن الرؤية، لهم عالمهم الخاص المنفصل عن عالم الإنْس، ومَن يُطلق (الناس) و (الإنْس) ويريد منها (الإنْس والجنّ) على حدٍّ سواء على وجه الحقيقة فإنّ رأيه مُجافٍ للحقيقة والواقع ومُستبعد، على ما قاله الشيخ البهائيّ.

تخطئة:

قال الشّيخ البهائيّ: "زعمَ قومٌ أنّ وضع (نعمَ) و (بئس) للاقتصاد في المدح والذّم، وليس كذلك، بل وضعها للمبالغة في ذلك"([31]).

إنّ الفعلين الماضيين الجامدين (نعم و بئس) هما لإنشاء المدح والذّم، قال الرازيّ: "(نِعْمَ) منقولٌ من قولك: نَعِمَ فلانٌ إذا أصابَ نعمةً، و(بِئْسَ) منقولٌ من بَئِسَ فلانٌ إذا أصاب بؤسًا، فنُقلا إلى المدح والذّم، فشابها الحروف فلم يتصرّفا"([32])، واستشهد الشّيخِ البهائيّ على (نعم وبئس) بآيتين قرآنيتين تدعّمان رأيه، الأولى قوله تعالى )وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ(([33])، والثانية قوله تعالى )وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ(([34]).

في الآية الأولى يُثني الله على نفسه، فهو يمجّد ذاته ويُعظّمُ صفاته، وفي الثانية يصف سبحانه النار التي توعّد بها الكفّار.

إنّ إعراب جملة المدح أو الذّم نمثّل له بإعراب قوله تعالى )هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ(، فقوله تعالى )هُوَ مَوْلَاكُمْ( جملة خبريّة تامّة، و)فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ( جملة مستقلّة سيقت للمدح؛ ويمكن أن تكون (مولاكم) بدلاً من (الله)، والجملة المدحيّة خبرٌ، والمخصوص بالمدح مضمرٌ، أي: (نعمَ المولى اللهُ ونعمَ النصيرُ اللهُ)، وكلّ ما كان في حماية هذا المولى ومَنْ كان في حفظه كان آمنًا من الآفات مصونًا من المخلوقات.

إنّ مَن زعمَ أنّ (نعم) و (بئس) للاقتصاد في المدح والذم جعلَ (أل) التعريف في فاعل (نعم وبئس) للإستغراق، لا على سبيل الحقيقة بل على سبيل المجاز، )فَنِعْمَ الْمَوْلَى( (أل) التعريف في (المولى) هي استغراقيّة على سبيل المجاز، والمخصوص بالمدح (الله) المحذوف المعلوم([35]) هو جميع الجنس، لجمعه ما تفرّق في غيره من الكمالات، وجعلت (الله) وجميع الجنس مبالغةً لاستغراقه جميع كمالات جنس المولويّة، ولم تَقصدْ من ذلك إلا مدحه.

وأمّا الذين يجعلون (أل) التعريف في فاعل (نعم و بئس) للجنس على سبيل الإستغراق فإنّ (أل) عندهم في (المولى) تفيد الإحاطة والشّمول حقيقةً لا مجازًا، ويكون الجنس عندهم كلّه ممدوحًا، وهنا (المولويّة)، والمخصوص بالمدح لفظ (الله) المحذوف (نعمَ المولى اللهُ) مندرجٌ تحت جنس المولويّة، فيشمله المدح، ويكون المدحُ قد وقعَ أوّلاً على الجنس كلّه على سبيل الشّمول حقيقةً (المولى)، ثمّ على سبيل المخصوص بالمدح (الله)، فيكون المخصوص قد مُدحَ مرّتين: مرّة مع غيره لدخوله في عموم الجنس، لأنّه فردٌ من أفراد ذلك الجنس، ومرّةً على سبيل التخصيص، لأنّه قد خُصّ بالذكر، ولذلك يُسمّى بالمخصوص.

إنّ الغرض من جعل (أل) للإستغراق والشّمول على سبيل الحقيقة هو المبالغة في إثبات المدح للممدوح والذم للمذموم، بجعلك المدح والذّم للجنس، الذي يكون المخصوص فردًا منه، والجنس يذكر تنبيهًا على أنّ المخصوص بالمدح أفضلُ جنسه، وأنّ كلّ فضيلة تفرّقت في جميع الجنس هي مجتمعةٌ في المخصوص بالمدح أو الذم، ويكون مبيّنًا المرام من الإجمال في مدح الجنس أو ذمه على سبيل المبالغة.

وما قلناه في (نِعْمَ) نقوله في (بِئْسَ) في مثل قوله تعالى )وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ( فالمخصوص بالذّم محذوفٌ، تقديره (وبئس المصيرُ جهنّمُ) فالجنس كلّه مذمومٌ وهنا (بؤس المصير)، والمخصوص بالذّم (جهنّم) مندرجٌ تحت جنس (المصير البائس)، وتكون (جهنّم) قد ذُمّت مرّتين: أولاهما لدخولها مع غيرها في عموم الجنس، وثانيهما على سبيل التخصيص، لأنّه خُصَّ بالذكر.

إنّ الشّيخ البهائيّ خطّأَ مَنْ يرى أنّ الجملتين الإنشائيّتين غير الطّلبيّتين المركّبتين من فِعْلَي المدح والذّم قد وضعتا للاقتصاد في المدح والذّم، وصحّحَ أن تكونا قد وضعتا للمبالغة على سبيل استغراق المدح والذّم، فنمدحُ أو نذمُّ الجنسَ كلَّهُ من أجل المخصوص بالمدح أو الذّم، ثمّ نخصّص المخصوص بالمدح أو الذّم بالذّكر، فتكون الإحاطةُ بهما وشموليتهما حقيقةً لا مجازًا، وهذا معنى المبالغة في المدح أو الذّم الذي قصده الشيخ البهائيّ.

تصويبٌ منطقيّ

صوّبَ الشيخُ البهائيُّ تعريف النحاة للتمييز، فالتمييز عندهم "المراد به رفع الإبهام وإزالة اللّبس، والمخاطِب ينبّه على المراد بالنّص على أحد محتملاته تبيينًا للغرض، ولذلك سُمّيَ تمييزًا وتفسيرًا"([36])، وتصويب البهائيّ ينطلق من أنّ "التمييز ربّما لا يرفع الإبهام، ومنه التمييز الذي قالوا عنه إنّه للتأكيد، كما في قوله تعالى )إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا("([37])، ومقتضى البحث يحتّمُ أن نقدّمَ مقدّمتين، الأولى تتعلّق بالتمييز والثانية تتعلّق بالتأكيد.

التمييز إسمٌ نكرةٌ يُذكرُ تفسيرًا للمبهم من نسبةٍ أو ذات، فالأول نحو (طابَ زيدٌ نفسًا) حيث أسندنا الطّيبةَ إلى زيد، والمراد تبيان شيءٍ من أشيائه، وهي كثيرة، فجاء التمييز(نفسًا) لإبانة نسبة الطّيبة إلى زيد، فهو طابَ نفسًا لا قلبًا ولا لسانًا ولا غيرهما..وأمّا تمييز الذات فكقولنا: عندي رطلٌ زيتًا، فإنّ التمييز (زيتًا) لم يأتِ لرفع إبهام في الجملة وإنّما لرفع إبهام (الرطل)، إذ هو مقدارٌ يُوزن به، ويحتملُ أشياء كثيرة من الموزونات كالزّيت والعسل والسّمن و..و.. والأسماء المبهمة الدّالة على الذّات، والتي يأتي التمييز ليزيل إبهامها هي: العدد، المساحة، الكيل، الوزن، وكلّها تحتاجُ إلى إبانتها بالأنواع، لأنّها تقع على أشياء كثيرة، فإذا قلتَ: (عندي عشرون) احتمل دنانير ودراهم وعبيدًا وغيرها من المعدودات، فوجبَ لذلك إبانتها بالنّوع.

وأمّا التوكيد فهو ضربان: لفظيّ ومعنويّ.

فاللّفظيّ يكون بتكرار اللّفظ، كقولك: ضربت زيدًا زيدًا، أو بتكرير الجملة فتتأكّدُ الجملة بأسرها، كقولك: ضربتُ زيدًا ضربتُ زيدًا.

وأمّا التوكيد المعنويّ فيكون بألفاظ محدّدة، كـ(نفسه، وعينه، وأجمع، وأجمعون، وكلّهم..)، وبها نكرّرُ المعنى دون لفظه، كقولك: رأيتُ زيدًا نفسَهُ.

وفائدة التوكيد تكمنُ في تمكين المعنى في نفس المخاطب، وإزالة الغلط في التأويل "فيجعل الأمرَ مستقرًا متحقّقًا، بحيث لا يُظنّ به غيره، فيدفع المتكلّم ضرر غفلة السّامع، أو الظنّ به الغلط".

وصوّبَ الشّيخُ البهائيّ تعريفَ النحاة بقوله "إنّ التمييز لا يكون الغرض منه دائمًا رفع الإبهام وإنّما قد يأتي مؤكِّدًا"، خلافًا لكثير من العلماء، واستشهدَ على ذلك بقوله تعالى )إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا(، فـ(شهرًا) تمييزٌ منصوبٌ، بيدَ أنّه لا يرفعُ إبهامًا ولا يزيل لبسًا عن العدد (اثنا عشر)، وإنّما وظيفة التمييز هنا التأكيد على (عدّة الشّهور)، فلو قلنا (إنّ عدّةَ الشّهورِ عندَ اللهِ اثنا عشرَ) لما أبهم المعنى ولا التبس، لأنّ الذّات معروفة، وعليه تكون وظيفة التمييز التأكيد، ومثلُ ذلك قولك: عددُ صفحاتِ الكتابِ اثنا عشرَ، فإنّ الذّات العدد (اثنا عشر) غير مبهمٍ ولا لبس فيه، والمراد مفهوم أي (اثنا عشر صفحةً) لأنّ المضاف إليه (صفحات) أبان المقصود من العدد، وإذا ثبّتنا التمييز بعد العدد في مثل ذلك يكون الغرض التوكيد لا إزالة الإبهام واللّبس عن العدد، ولو قلنا: (في القرية اثنا عشرَ) لكان الكلام غامضًا مبهمًا لإبهام العدد، فهو يحتملُ أشياءَ كثيرةً من المعدودات كـ(بيتًا أو رجلاً أو عينًا..) ويكون التمييز في مثل هذا لازمًا وواجبًا لإزالة الإبهام عن العدد، لأنّه يقع على أشياءَ كثيرة.

إنّ تصويبَ الشّيخ البهائيّ له وجهٌ وجيهٌ، والتعديل الذي أدخله على التعريف يُلتفتُ إليه، قال: "التمييز ما يصلحُ لرفع الإبهام" فما كان صالحًا لرفعِ إبهامِ المميَّزِ هو تمييزٌ وتفسيرٌ وتبيينٌ، فالتمييز عند البهائيّ يجب أن يكون صالحًا لإزالة الإبهام أو اللّبس، فيكون ضروريًّا في الجملة، ومن دونه لا يستقيم المعنى ولا يكتمل، ويكتنفه الإبهام.

وقد أعملَ الشيخُ البهائيُّ حسّه الأصوليّ في النحو، قال "التمييز هو الشيءُ الذي يلزم من العلم به العلم بشيءٍ آخر، على الدليل الثاني"([38])، فالتمييز هو الإسم الذي يصلحُ أن يكون كاشفًا عن العلم بالمميَّز، ومن دونه يبقى الكلام غامضًا ملتبسًا، كما قدّمنا، فالتمييز الذي يرفع الإبهام هو ذاك الإسمُ الذي لا يتّضحُ العلم بالمميَّز إن لم يتّضح العلم بالمميِّز، فالأول هو الدّال والثاني هو المدلول، على ما ذكر الأصوليّون، ومثل ذلك أن بدل البعض من الكلّ قد يجري مجرى التأكيد، وذلك كقولك: ضُربَ زيدٌ ظهرُهُ وبطنُهُ أو يدُهُ ورجلُهُ، فقد نعرب (ظهرُهُ وبطنُهُ أو يدُهُ ورجلُهُ) بدلَ بعضٍ من كلّ، ثمّ يُستفاد من المعطوف والمعطوف عليه معًا معنى (كلّه)، فيجوز أن يكون ارتفاعهما على البدل وعلى التوكيد.

ومثل هذا التوكيد يفيدُهُ الجار والمجرور كقولك: (في الدار زيدٌ قائمٌ فيها) فتعيدُ (فيها) توكيدًا، قال ابن السّرّاج: " الحرف إنّما يكرّر مع ما اتصل به لا سيّما إذا كان عاملاً، كقوله تعالى: )وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا(([39]) فجعل (فيها) توكيدًا و (ففي الجنّة) مؤكَّدًا"([40]).


 يتبع =

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

(*) ورقة بحثيّة أُعدّت للمؤتمر الدّوليّ الرابع - فكر الشيخ البهائيّ، المنعقد في بيروت 9 و10 أيّار 2012؛ تنظيم جمعيّة الإمام الصّادق (عليه السلام) لإحياء التّراث العلمائيّ.

([1]) الصدر، حسن (1272 هـ - 1354هـ): تكملة أمل الآمل، ص182، رقم الترجمة 145، دار الأضواء، بيروت - لبنان، 1986م.

([2]) هو الشيخ زين الدّين الجبعيّ العامليّ المعروف بالشهيد الثاني (911هـ-965هـ) قصد اسطنبول فمُنح إجازة التدريس في المدرسة النوريّة في بعلبك، فدرّس الفقه على المذاهب الخمسة، قُتِل في القسطنطينيّة بتهمة أنّه مبتدع، وخارجٌ من المذاهب الأربعة، مع انّه كان من أبرز رجال التقريب بين المذاهب الإسلاميّة.

([3]) الصدر، حسن: تكملة أمل الآمل، ص280، رقم الترجمة 256.

([4]) عباس، دلال: بهاء الدّين العاملي، ص227، دار المؤرّخ العربي، بيروت ـ لبنان، ط1، 2010م.

([5]) الطّهراني، آقا بزرك : الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج16، ص345.

([6]) م. ن : ج17، ص250.

([7]) م. ن : ج18، 334 و ج16، ص87.

([8]) د. دلال عباس تقول أنّها تملك نسخةً من مخطوط (الصمدية).

([9]) عباس، دلال: بهاء الدّين العاملي، ص238 وما بعدها.

([10]) العاملي، بهاء الدّين محمد: الكشكول، ج2، ص235. الدّغدغة: الغمز في الإبط، وقد يكون معناها الطعن (نقول: دغدغ فلانٌ عرضَ فلان).

([11]) راجع: الفيروزآبادي (729-817 هـ): القاموس المحيط، فصل النون؛ العاملي، بهاء الدّين محمد: الكشكول، ج1، ص81.

([12]) العاملي، بهاء الدّين محمد: الكشكول، ج1، ص81.

([13]) الألُّوسي، أبو الثناء شهاب الدين (1217-1270هـ): روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، عند تفسيره الآية 8 من سورة البقرة.

([14]) راجع: سيبويه (148-180 هـ): الكتاب، ج1، ص311، منشورات مؤسسة الأعلمي، بيروت ـ لبنان، ط3، 1990م ؛ النحاس، أبو جعفر (000- 338 هـ): معاني القرآن، ص102، عالم الكتب، بيروت ـ لبنان، ط1، 2005م.

([15]) الفراهيدي، الخليل بن أحمد (100-170هـ): العين، ج7، ص303، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، 1988م.

([16]) النحاس، أبو جعفر: معاني القرآن، ص102.

([17]) سيبويه: الكتاب، ج2ص144.

([18]) الأزهري، محمد بن أحمد (282-370 هـ): تهذيب اللّغة، ج3، ص88، دار الصادق للطباعة والنشر، د. ت.

([19]) الألُّوسي، شهاب الدين (1217-1270هـ): روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، عند تفسيره الآية 8 من سورة البقرة.

([20]) راجع: ـ الفيروزآبادي: القاموس المحيط، فصل النون ؛ الجوهري، إسماعيل بن حماد (000 ـ 393 هـ): الصّحاح في اللغة، مادّة (نَوَسَ) ؛ الرضى الصغاني، الحسن بن محمد (577 ـ 650 هـ): العباب الزاخر، مادة (نَوَسَ) ؛ مرتضى الزبيدي، محمد بن محمد (1145 ـ 1205 هـ): تاج العروس من جواهر القاموس، مادة (نَوَسَ) ؛ ابن منظور، محمد بن مكرم (630 ـ 711 هـ): لسان العرب، مادة (أَنَسَ)، ج1، ص170، ومادة (نَوَسَ)، ج14ص382، دار صادر، بيروت ـ لبنان، ط1.

([21]) البقاعي، برهان الدين (809 - 885 هـ): نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، يُعرف بـ"تفسير البقاعيّ"، عند تفسيره الآية 18 من سورة الأنعام.

([22]) ابن منظور: لسان العرب، ج1، ص170.

([23]) سأل محمد بن مسلم أبا جعفر (عليه السلام) عن لحوم الخيل والدواب والبغال والحمير، فقال: حلالٌ، ولكنّ الناس يعافونها، وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن أكل لحوم الحمر الإنْسيّة بخيبر لئلا تفنى ظهورها، وكان ذلك نهي كراهة لا نهي تحريم. ولا بأس بأكل لحوم الحمر الوحشية. (مَن لا يحضره الفقيه، باب: الحلال والحرام من لحوم الدّواب، رقم الحديث: 4197).

([24]) ابن منظور: لسان العرب، ج1، ص170.

([25]) الأندلسيّ، أبو حيّان (654 - 745هـ): البحر المحيط، عند تفسيره الآية 8 من سورة البقرة، دار الفكر، بيروت الطبعة الثانية، 1403هـ..

([26]) سورة الجنّ: الآية1.

([27]) سورة الجنّ: الآية6.

([28]) الفراء: معاني القرآن، ج3، ص302، دار السرور، بيروت ـ لبنان، د. ت..

([29]) ابن منظور: لسان العرب، ج1، ص170.

([30]) الأزهريّ: تهذيب اللغة، ج13، ص89.

([31]) الشيخ البهائي: الكشكول، ج2، ص237.

([32]) الرازي، عبد القادر: مختار الصّحاح، ص 16، مكتبة لبنان، بيروت، 1993م.

([33]) سورة الحج: الآية78.

([34]) سورة الرعد: الآية18.

([35]) يجوز أن يُقتصر على ذكر الجنس ويُضمر المقصود بالمدح أو الذم اكتفاءً بتقدّم ذكره، كما جاء في التنزيل )وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ( سورة ص: الآية30 أي: نعمَ العبدُ سليمانُ، فحذف إسمه (المخصوص بالمدح) لتقدّم ذكره، وعِلم المخاطب به.

([36]) ابن يعيش الموصلي (553-643هـ): شرح المفصّل للزمخشري، ج2، ص36، دار الكتب العلميّة، بيروت ـ لبنان، ط1، 2001م.

([37]) البهائي: الكشكول، ج2، ص236.

([38]) م. ن : ج2، ص236.

([39]) سورة هود: الآية 108.

([40]) ابن السّراج النحوي، محمد بن سهل: الأصول في النحو، ج2، ص20، مؤسسة الرسالة، بيروت ـ لبنان، ط3، 1988م.

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الرابع والعشرون