السنة التاسعة / العدد الرابع والعشرون / كانون أول  2013م / صفر  1435هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

تتمة مقال = دغدغاتٌ نحويّةٌ

 

إشكالٌ وتخريجٌ متكلّفٌ

ويتعرّضُ الشيخُ البهائيًّ في كشكوله إلى مسألة الفرق بين عطف البيان والبدل، يقول: "الفرقُ الذي أبدوه بين البدل وعطف البيان، ردًّا على مَنْ لم يفرّق بينهما كالشّيخ الرّضي، يُشكلُ بنحو قولك (جاء الضّاربُ الرجل زيد)، مما يمتنعُ جعلهُ بدلاً، كما نصّوا عليه، وذلك إذا قصدتَ الإسنادَ إلى (زيد) واتيتَ بـ(الضّارب) توطيةً، وقد يُتكلّفُ بإنّه إذا قصد مثل ذلك القصدِ لم يَجُزِ([41]) التلفّظُ بمثل هذا اللفظ"([42])، ونحن نقدّم لذلك بمقدّمة تتناول البدل وعطف البيان.

البدلُ هو التابع المقصود بالحكم بلا واسطة بينهُ وبين متبوعه، فلو قلنا: وضعَ الإمامُ علمَ النحو، فإنّ العبارة يشوبها بعض النقص والوضوح المعنويين، إذ تشرئبُ النّفوسُ لمعرفة هذا (الإمام) الذي وضعَ علمَ النحو، ولو قلنا: وضعَ الإمامُ عليٌّ علمَ النحو يكون ذلك النّقصُ المعنويُّ قد زال، لأنّ (عليّ) المقصود بالحكم ينسب وضعُ النحو إليه، ولمّا جاء البدل (عليّ) قوّى المتبوع(الإمام) وعيّن المراد منه ووضّحه "وأزالَ التّوهّم ورفع اللّبس عنه"([43])، ويكون المتبوع (المبدل منه) قد ذُكرَ توطئة للبدل ليُستفاد من مجموعهما فضلَ توكيد وبيان، لا يكونُ إذا ذُكرَ أحدهما دون الآخر. والذي عليه الاعتماد من الاسمين -البدل والمبدل منه- هو الثاني، ويذكر الأول توطئةً لبيان الثاني.

وأمّا عطفُ البيان فهو تابعٌ جامدٌ يخالفُ متبوعه في لفظه ويوافقه في معناه المراد منه الذّات، وغرضه توضيح الذّات إذا كان المتبوع معرفةً، كقولك: سار الحسينُ بنُ عليّ نحو الكوفة، وتخصيصها إذا كان نكرةً، كقولك: أصغيتُ إلى ما قلتَ فإذا كلمةٌ خطبةٌ استهوتِ الأفئدة. فـ(الحسين) في المثال الأول مشتركٌ بين أفرادٍ متعدّدة، وهو يحتاجُ إلى مزيد إيضاح وتبيين يزيل عن الذّاتِ شائبةَ الإبهام، والمقصود من (الحسين) و (ابن عليّ) ذات واحدة، ولكنّ الثانيةَ أوضحت الأولى مع أنّها تخالفها لفظًا لا معنى وذاتًا.. وشبيهُ ذلك في المثال الثاني، فإنّ الكلمة (خطبةٌ) خصّصت النّكرة التي قبلها بعض التخصيص، وحدّدت شيوعها وإبهامها بعض التّحديد، والمراد منهما ذاتٌ واحدة.

وممّا تقدّم نستنتجُ أنّ البدل وعطف البيان يفصل بينهما خيطٌ رفيع لم يرَهُ الرّضي الأسترآبادي، ولم يفرّقْ بينهما، قال: "وأنا إلى الآن لم يظهرْ لي فرقٌ جليٌّ بين بدل الكلّ من الكلّ وبينَ عطف البيان، بل لا أرى عطفَ البيان إلا البدل"([44])، وأمّا الذين فرّقوا بينهما من النّحاة فإنّهم قالوا أنّ "البدل يعملُ فيه العامل على تقدير تنحية الأول (المبدل منه)"([45])، فلو قلت: وضعَ الإمام عليٌّ علمَ النحو وحذفتَ (الإمام) وأحللتَ محلّه (عليّ) لجازَ التركيب، فنقول: وضعَ عليٌّ علمَ النحو، ولكنّه تركيبٌ قد أُبهمَ بعضَ الإبهام، لذلك نذكر الأول (الإمام) "كالتوطئة والبساط لذكر الثاني"([46])، ويُستفادُ من مجموعهما فضلَ بيانٍ ووضوحٍ وتوكيدٍ لا يكون بذكر أحدهما دون الآخر.

وأمّا عطفُ البيان فإنّه يوضّحُ أو يُخصّصُ الذّات نفسها "وهو يكونُ بالأسماء الصريحة، غير المأخوذة من الفعل كالكُنى والألقاب، نحو قولك: ضربتُ أبا محمدٍ زيدًا وأكرمتُ خالدًا أبا الوليد، بيّنتَ الكُنيةَ بالعَلم، والعَلمَ بالكُنية، فعطفُ البيان إنّما هو تفسير الأول باسم آخر مرادف له يكون أشهر منه في العُرف والاستعمال من غير أن يتضمّنَ شيئًا من أحوال الذّات"([47])، وعطف البيان يجري على ما قبله في التعريف، وليس كذلك البدل..

ويتبيّنُ الفرقُ بين البدل وعطف البيان من خلال المثل الذي أوردَهُ الشيخُ البهائيُّ (جاء الضَاربُ الرجلِ زيدٍ)، فالنّحاة الذين يفرّقون بين البدل وعطف البيان لا يُجيزون اعتبار (زيد) إلا عطف بيان لا بدلاً، واعتباره عطف بيان من المسائل الجائزة معنى ونحوًا، لأنّ (زيد) جرى بالنّسبة إلى (الرّجل) مجرى الصّفة وهو متّسقٌ مع حدّ عطف البيان الذي تجري فيه الأسماء الصريحة مجرى الصّفات، وإنّ التابع (عطف البيان) خالٍ من (أل)، والمتبوع مقترنٌ بها مع إعرابه مضافًا إليه، والمضافُ اسمٌ مشتقٌ إضافته غير محضة، نحو ما مثّل به الشيخُ البهائيُّ (جاء الضَاربُ الرجلِ زيدٍ)، فـ(الضّارب) هو العامل في ما بعده، وهو اسمٌ مشتقٌّ مضافٌ. (الرّجل) متبوعٌ معرّفٌ بـ(أل)، ومضافٌ إلى (الضّارب)، وإضافته غير محضة. (زيد) تابعٌ خالٍ من (أل)، والمتبوع قبله مقترن بها، لذا تحتّمَ إعرابه عطف بيان لا بدلاً.

وعليه، يجبُ إعراب (زيد) عطف بيان لا بدلاً، لأنّ البدل على نيّة تكرار العامل، وملاحظةُ وجوده قبل التابع كوجوده قبل المتبوع "لأنّ حكم البدل أن يقدّرَ في موضع الأول"([48])، فالعامل (الضّارب) في المتبوع (الرجل) لو جعلناه عاملاً للتابع (زيد)، وقلنا: (جاء الضّاربُ زيدٍ) لم يجُزْ، لأنّ فيه فسادًا إعرابيًا، وسببُ هذا الفساد أنّ العامل المضاف (الضّارب) مشتقٌ مقترنٌ بـ(أل)، والمضاف إليه (زيد) غير مقترن بها، فتمتنعُ الإضافةُ غير المحضة في مثل هذا، وتصحُّ في مثل قولنا (جاء الضَاربُ الرّجلِ) تشبيهًا بـ(الحسنِ الوجهِ)"([49]).

تأسيسًا على ما تقدّم، فإنّ إشكالَ الشيخ البهائيّ ينطلقُ من اعتبار (الضارب) توطيةً للبدل (زيد)، فنقول (جاء الضّاربُ زيدٌ)، ونعتبر (زيد) بدلاً من (الضّارب)، ونستفيدُ من مجموعهما فضلَ توكيد وبيان، وهذا الأمرُ قاسه الشّيخ البهائيّ قياسًا خفيًّا على مثل قولنا (جاءَ الإمامُ عليٌّ) حيث اعتبرنا -فيما تقدّم- (عليّ) بدلاً و(الإمام) توطيةً وبساطًا له، ومثل هذا الأمر المعنويّ مُتكلّف في مثل قولنا: (جاءَ الضَاربُ زيدٌ)، لأنّه إذا جازَ مثل هذا الأمر المعنويّ فإنّه لا يجوزُ التلفّظُ بمثل هذا اللفظ والتركيب، أي إنْ أجزْنا المعنى فإنّ التركيب فاسدٌ، فلا نستطيعُ أن نرفع (زيد) على أنّه بدل من (الضّارب) بل يجبُ نصبه على أنّه مفعولٌ به لاسم الفاعل (الضّارب)، فنقول: جاءَ الضّاربُ زيدًا، وكذلك لا يجوز التركيب في مثل قولنا: جاءَ الضاربُ زيدٍ بإضافة (زيد) إلى (الضّارب) لأنّ الإضافة بينهما لا تصحّ أن تكون غير محضة كقولنا (جاء الضّاربُ الرّجلِ) تشيبهًا بـ(الحسنِ الوجهِ)، وسببُ ذلك أنّ العاملَ، وهو المضاف (الضّارب)، مشتقٌ مقترنٌ بـ(أل)، والمعمول والمضاف إليه (زيد) غير مقترن بها، ولا يجوزُ تشبيهُ هذه الإضافة بـ(الحسنِ الوجهِ)، وعليه يكونُ إشكالُ الشيخِ البهائيِّ فاسدًا نحويًّا وإن كان له وجهٌ معنويٌّ مُتكلّف، والشيخُ البهائيّ نفسه قال: "مثلُ ذلك القصد لم يجزْ التلفّظ بمثل هذا اللّفظ" لأنّه مماحكات منطقيّة بحتة، لا تُسمن ولا تُغني من جوع علميّ أو نحويّ، ونحن نسعى إلى تسهيل النحو وتيسيره لا تعقيده وتعميته وإلغازه!!

ومن التخريجات المتكلّفة محاولةُ الشّيخ البهائيّ الذّبَ عن الزمخشريّ في قضيّة نحوية تتعلّق بتفسير (ما) في الآية القرآنية )وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ(([50]).

سياقُ الآية يتناول نزول العذاب بالذين ظلموا، وقد ذكر سبحانه سببين لاستئصال المجرمين: الأوّل تركهم النهي عن الفساد، والثاني اتّباعهم الشّهوات الدنيويّة، وإيثار اللّذات على أمر الآخرة، فكانوا مُجرمين.

اعتبرَ الزّمخشريُّ صاحب (الكشّاف) أنّ (ما) في قوله تعالى)مَا أُتْرِفُوا فِيهِ( مصدريّة، وعطفَ المقطعَ الثاني من الآية )وَكَانُوا مُجْرِمِينَ( على )مَا أُتْرِفُوا فِيهِ(، وأوّلَ المقطعين [اتّبعوا الإترافَ وكونهم مجرمين، لأنّ تابعَ الشّهوات مغمورٌ بالآثام]([51])، فهم "اتّبعوا في دنياهم ما عوّدوا من النعيم وإيثار اللّذات على أمر الآخرة"([52])، و(ما) المصدريّة تُقدّرُ مع صلتها بمصدر يُعرب بحسب موقعه في الجملة، وتُوصلُ بالفعل الماضي والمضارع، لذا أوّلَ الزمخشريُّ المقطع من الآية بـ(الإتراف وكونهم مجرمين)، ومذهبُ سيبويه والجمهور أنّ "(ما) المصدريّة حرفٌ فلا يعودُ عليها ضميرٌ من صلتها، وذهبَ الأخفشُ وابنُ السّرّاج وجماعةٌ من الكوفيين إلى أنّها إسمٌ، فتفتقرُ إلى ضمير، فإذا قلتَ: يُعجبُني ما صنعت فتقديرُهُ عند سيبويه: يعجبُني صنعُكَ، وعند الأخفش: يعجبُني الصّنعَ الذي صنعته"([53]).

إنّ اعتبارَ الزمخشريّ (ما) مصدريّة في الآية دفعَ ابن هشام الأنصاري إلى تغليطه بقوله "وللزمخشريِّ غلطةٌ، فإنّه جوّزَ مصدريّة (ما) في )وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ( مع أنّه قد عاد إليها الضمير"([54])، وحجّةُ ابن هشام أنّ (ما) إسميّة بمعنى (الذي) وليست حرفًا مصدريًا، لأنّ الضمير المتصلَ في (فيه) يعودُ على (ما)، والضمائر تعودُ على الأسماء ولا تعودُ على الحروف..

إنّ الشيخَ البهائيَّ في كشكوله، وبإشارة لطيفة، أرادَ ان يُخرج الزمخشريّ من غلطته، على حد وصف ابن هشام، فقال: "وقد يُذبُّ عن جار الله بأنّ ضمير (فيه) يعودُ إلى الظّلم المفهوم من (ظلموا) في الآية"([55])، حيث أرجعَ الشيخُ البهائيُّ الضمير في (فيه) إلى معنى (الظّلم) المنتزع من الفعل المذكور في الآية )ظَلَمُوا(، ولم يرجع الضمير إلى (ما)، وإذا كان ذلك كذلك فإنّه لا ضيرَ من اعتبار (ما) مصدريّة، وهي مع ما بعدها في تأويل مصدر واقع في محل نصب مفعول به للفعل (اتبع)، والتأويل (اتبعَ الذين ظلموا الإترافَ) أي: الشهوات المغمورة بالآثام، ويكون المقطع الأخير من الآية) وَكَانُوا مُجْرِمِينَ( جملةً اعتراضيّةً، وهي حكمٌ على الذين أترفوا (بأنّهم قومٌ مجرمون)، وأهل المعاني أجازوا أن يأتيَ الاعتراضُ في آخر الكلام، وإن كان الأمرُ "لا يخلو من تكلّف"([56])، على ما جاء في ذيل ذبّ البهائيّ عن الزمخشريّ، وإذ ذاك لا يُلتفتُ إلى قول أبي حيّان "ولا يُسمّى هذا اعتراضًا في اصطلاح النحو، لأنّه آخر آية، فليس بين شيئين يحتاجُ أحدهما إلى الآخر"([57]).

دغدغةٌ ولغزٌ([58])

يقول الشيخ البهائيّ: "إذا سدّت (أنّ) مع معموليها مسدّ المصدر فُتحت، وإلا كُسرت، وإن جاز الأمران جاز الأمران"([59])، هذا القول الأخير يُشبهُ ألغاز الشّيخ التي برع فيها، وبعد هذا الإبهام الذي يُشبهُ اللّغز يدغدغُ البهائيّ النّحاة دغدغةً خفيفةً؛ أوضّحُ القولَ (اللّغز) ثمّ أعودُ إلى الدّغدغة.

الحرف المشبّهُ بالفعل (إنّ و أنَّ) تحتاجُ إلى إسمٍ منصوب وخبرٍ مرفوع، ووظيفتُها في الجملة توكيد معناها، والتّوكيد معناه تقوية الثّابت لا تغيير المعنى.

وأمّا (أَنَّ) المفتوحة الهمزة فتكون مع جزأيها في تأويل المفردٍ لكونها مصدريّة، لذا وجبَ وقوعها موقعَ المفردات، فتقع مع معموليها جزءًا من جملة مفتقرة إلى فاعل أو مفعول أو خبر لمبتدأ أو مضاف إليه.. ولا سبيل للحصول على ذلك الإسم المرفوع أو المنصوب أو المجرور إلا من طريق مصدرٍ منسبكٍ من (أنّ) مع معموليها، كقولك: سرّني أَنَكَ بارٌّ بأهلكَ، أي: سرّني برُّكَ بأهلكَ، أو قولك: عرفتُ أَنَّ المدنَ مزدحمةٌ، أي: عرفتُ ازدحامَ المدن، وقولك: تألّمتُ من أَنَّ الصّديقَ مريضٌ، أي: من مرضِ الصّديق وهكذا..

وحكَمَ النّحاة بكسر همزة (إِنَّ) في كلّ موضعٍ لا يصحُّ أن تُسبكَ فيه مع معموليها بمصدرٍ، ومن هذه الجهة يمكن أن تأتيَ بعد القول، فتكون واجبةَ الكسرِ إذا قصدت به الحكايةَ، لأنّ المحكيَّ بالقول لا يكون إلا جملة، كقول الشّاعر (من الطويل):

تُعيِّرُنا أنّا قليلٌ عديدُنا
 

 

فقلتُ لها: إنَّ الكرامَ قليلُ
 

وإنْ وُجِدَ القولُ ولم تكن محكيّة بالقول بل كانت معمولة لغيره لم تُكسر، كقولك: أيّها المعلّم، أخصُّكَ القولَ أَنَّكَ فاضلٌ، أي: لأنّكَ فاضلٌ، فالمصدر المؤوّل معمول للام الجرّ لا للقول.

و(إنّ) واجبةُ الكسر بعد الموصول، كقولك: جاء الذي إِنّهُ عزيزُ النّفسِ، وتأتي دغدغةُ البهائيّ على كسر همزة (إنّ) بعد القول والصّلة، يقول: "ولكاتب الأحرف هنا دغدغةٌ هي أنّه في هاتين وأمثالها يجوزُ سدّها مسدّ المصدر، فإذا قلتَ: جاء الذي أنّه قائمٌ، كان في تأويل: جازَ الذي قيامُهُ ثابتٌ"([60])، ودغدغةُ البهائيّ فيها وجهٌ وجيهٌ، وهي تقوم على جواز فتح الهمزة وكسرها بعد الصّلة على اعتبار أنّ الجملة بعدها لا محلّ لها من الإعراب على كلّ وجه، سواءٌ كان الأمرُ كما قدّرَ النّحاة بكسر الهمزة بعد الموصول واعتبار الجملة إبتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب، في مثل قولك: جاء الذي إِنَّهُ قائمٌ، أو على تقدير الشيخ البهائيّ من أنّها مفتوحة مؤوّلة مع معموليها بمصدرٍ مُنسبكٍ مأخودٍ من لفظ خبرها المشتقّ، لأنّ المفتوحةَ موضوعةٌ لتكونَ بتأويلِ مصدرٍ مأخوذٍ من خبرها مضافًا إلى اسمها، كقولك: جاء الذي أَنَّهُ قائمٌ، أي: جاء الذي قيامُهُ ثابتٌ، وتكونُ الجملةُ الاسميّةُ (قيامُهُ ثابتٌ) لا محلّ لها من الإعراب لأنّها صلة الموصول.

ولغز الشيخ: "وإنْ جازَ الأمران جاز الأمران" تفسيرُهُ أنّه إذا جاز في (أنّ) السّبك وعدمه جاز الفتحُ والكسرُ، ومن الموارد التي يجوز فيها الأمران ـ الفتح والكسر ـ إذا وقعت (انّ) بعد (إذا) الدّالّة على المفاجأة ـ وقد مثّلَ له الشيخ بجزءٍ من بيتٍ أورده سيبويه كما سيأتي ـ كقولك: خرجتُ فإذا إِنَّ سعيدًا واقفٌ، من غير توكيد، والفتحُ على تأويل ما بعدها بمصدر مأخوذ من لفظ خبرها يكون مبتدأ خبرُهُ محذوف، والتقدير: فإذا وقوفُهُ حاصلٌ، وقد مثّلَ لذلك الشيخ بجزءٍ من بيت حكاه سيبويه في كتابه([61]) (من الطويل):

وكنتُ أرى زيدًا، كما قيل، سيّدًا

 

 

إذا انّهُ عبدُ القفا واللّهازمِ

 

اللّهازم: جمع لِهزمة، واللّهزمتان: عظمتان ناتئتان تحت الأذنين، يريد أنّه ليس سيدًا، وكنّى عن ذلك بأنّه يُضربُ على قفاه ولهزمتيه.

وهمزة (انّ) بعد (إذا) الفجائيّة يجوز فيها الفتح والكسر، فالكسر على الأصل، لأنّ (إذا) يقع بعدها المبتدأ والخبر، والتقدير: فإذا هو عبدُ القفا، والفتح "لإمكان التأويل: فإذا عبوديّتهُ حاصلةٌ أو ثابتةٌ به"؛ وهذا معنى قول الشّيخ "وإنْ جازَ الأمران جازَ الأمران".

حسٌّ منطقيٌّ

يستخدم الشيخُ البهائيّ حسّهُ المنطقيّ في مبحث المفعول لأجله.

والمفعول لأجله "يُذكرُ علّةً وعذرًا لوقوع الفعل"([62])، أو هو "ما دلّ على مراد الفاعل من الفعل"، وعليه فإنّ المفعول لأجله "مصدرٌ قلبيٌ يُذكرُ علّةً لحدث شاركَهُ في الزمان والفاعل"([63]) أي أنهم اشترطوا "مقارنته لعامله في الوجود"([64])، ويشرحُ الشيخُ البهائيّ هذا الشّرط بمقولةٍ منطقيّةٍ، يقول: "الظّاهر أنّ مراد النّحاة أنّ المتكلّمَ إنّما يصحُّ له النّصب إذا قصدَ المقارنة خارجًا، إذ لو اشترطت المقارنة في الواقع لكان قولنا: ضربتُهُ تأديبًا، فلم تُحصّلِ التأديبَ مثلاً، لحنًا"([65]).

إنّ العلّة الدّافعة إلى وجود الفعل قد تتقدّم عليه وجودًا وقد تتأخّر، وإذا كان المفعول لأجله يُذكرُ علّةً وعذرًا لوقوع الفعل، فإنّه قد يتقدّم وجوده على وجود الفعل، كما في قولك: قعدتُ جُبنًا، فالمفعول لأجله (جُبنًا) هو الحامل على الفعل (القعود)، أي إنّ تحقّقَ وجود الجُبن فيَّ سابقٌ وعلّةٌ لتحقّق وجود القعود.

ثمّ إنّ العلّةَ التي دفعت إلى وجود الفعل قد لا تتقدّم وجودًا على الفعل، كقولك: ضربتُهُ تأديبًا، فـ(التأديب) هو العلّة التي دفعت إلى وجود الضرب، إلا إنّ وجودَ التأديب يكون بعد وجود الضّرب لا قبله، وإلا لو إنّ التأديب متقدَّمٌ وجودًا على الضرب وقمنا بالضَرب كان الفعل عبثيًّا، لأنّ المراد من الضرب متحقّقٌ قبله، فلماذا يكون؟ وعليه، نقول: إنّ الدّافع إلى الضّرب هو التأديب، غير أنّ الضّرب محقّقٌ وجودًا قبل تحقّق التأديب، ويكونُ وجودُ التأديب تاليًا لوجود الضرب.

إنّ المفعول لأجله هو الحامل على الفعل، سواءٌ تقدّم وجوده على وجود الفعل أو تأخّرَ عنه، والتأخرُ عنه كقولك: جئتُكَ إصلاحًا لحالكَ، فـ(الإصلاح) متأخّرٌ وجودًا عن المجيء، والغرض المتأخر وجوده عن وجود الفعل يكون علّةً غائيّةً حاملةً على الفعل، فهي متقدّمةٌ من حيث التّصوّر، وإنْ كانت متأخرةً من حيث الوجود.

وعليه، يكون المفعول لأجله هو العلّةُ الحاملةُ على الفعل وليس بمعمولٍ له حملاً على الظاهر، كقولك: ضربته تأديبًا، فالظّاهر يدلّ على أنّ الضّرب علّةُ التأديب، والصّحيح أنّ التأديب علّةٌ حاملةٌ على الضّرب.

وبناءً على ما تقدّم يمكنُ تفسير قول الشيخ البهائي: "المتكلّم يصحّ له النّصب إذا قصد المقارنة خارجًا" أي: إنّ نصبَ المفعول لأجله يصحّ لمجرّد إمكانيّة وقوع العلّة الحاملة على الفعل خارجًا، وفي مثل قوله تعالى )وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ((سورة الإسراء: الآية31) فإنّ (الإملاق) ههنا متوقّعٌ لا ناجزٌ، وإنّ القتلَ قد يحصل والفقر لا يحصل، والقتل هنا ليس معلولاً لعلّة هي الفقر، وإنّما خشية الفقر دافعٌ وحاملٌ على القتل، فقد يتحقّقُ القتل وجودًا ولا يتحقّقُ الإملاقُ وجودًا، فـ(خشية الإملاق) متقدّمةٌ من حيث التّصوّر، وإن كان الفقر متأخرًا من حيث الوجود، فقد يوجد وقد لا يُوجد، وأمّا في قوله تعالى )وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ( ([66]) فإنّ الباعثَ على القتل هنا هو الإملاق النّاجز، فالإملاق حاملٌ على القتل، وهو متحقّقٌ وجودًا مثل تحقّق القتل وجودًا، وكون الإملاق علّةً لقتل الأولاد هو ما تقتضيه (من) التعليليّة، فقد جُعِلَ الفقر عذرًا لقتل الأولاد.

موافقةٌ وتأييد

يقول الشيخ البهائيّ: "قد يتّصفُ ما لا يَعْقِلُ بصفات مَنْ يَعْقِلُ، فيعرب بالحروف"([67]).

ولتوضيح ذلك نقول: إنّ الشيءَ إذا لابسَ وخالطَ آخر من بعض الوجوه أُعطيَ حكمًا من أحكامه إظهارًا لأثر المُلابسة والمخالطة، جريًا على قاعدة قياسيّة عقليّة تقول: "الشيءُ يُعاملُ معاملةَ شيءٍ آخر إذا شاركه في صفةٍ ما"، واستشهد على ذلك الشيخ البهائيّ بقوله تعالى )إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ(([68]) هذه الآية تُحدّثنا عن رؤيا([69]) رأها نبيُّ اللهِ يوسف (عليه السلام)، وحدّثَ بها والدَهَ النبي يعقوب (عليه السلام)، وهي نزول الكواكب من السّماء والسّجود له، ويرى المفسّرون أنّ الشمس والقمر هما أبواه، والكواكب إخوته الأحدَ عشرَ.

إنّ (الكواكب) عوملت في الآية معاملةَ العقلاء، فأُعطيت صفةً من صفاتهم (السّجود) )رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ(، وهي جملة مستأنفة لبيان الحال التي رآهم عليها، ولمّا أُعطيت صفةً من صفات العقلاء أُجريَ عليها حكمًا من أحكام العقلاء في الإعراب، حيث نُصبت (ساجدين) بالياء على أنّها حال، وإنّما جاز في (الشّمس والقمر والكواكب) معاملتها معاملة الجمع المذكر السالم والإعراب بالياء والنون "لأنّهم وصفوا بأفاعيل الآدميين، ألا ترى أنّ السّجود والرّكوع لا يكون إلا من الآدميين، فأُخرجَ فعلهم على فعال الآدميين، مثله )وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا( ([70])، فكأنّهم خاطبوا رجالاً إذ كلّمتهم وكلّموها. وكذلك )يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ(([71]). فما أتاكَ مواقعًا لفعل الآدميين من غيرهم أجريتَهُ على هذا"([72]).

إنّ (الكواكب) لمّا واقعت فعلاً من أفاعيل الآدميين عوملت معاملتهم في الإعراب، وأُجريَ عليها حكمهم، وهو كثيرٌ شائعٌ في كلام العرب "أن يُلابسَ الشيءُ الشيءَ في بعض الوجوه فيُعطى حكمًا من أحكامه إظهارًا لأثر المُلابسة والمقاربة"، ومثلُ ذلك أن تُعطى الكلمةُ في الإعراب حكمَ كلمة مجاورةٍ لها "كقول بعضهم (هذا جُحْرُ ضبٍّ خربٍ) ومن حقّ (خرب) الرفع على النّعت، ومثلُهُ أن تتبعَ الحركةُ الحركةَ إذا جاورتها لضربٍ من المشاكلة والمجانسة، كقولهم (رِجْسٌ نِجْسٌ) والأصل (نَجِسٌ)، فكُسرت نون (نجس) اتّباعًا ومشاكلة لكسرة الرّاء"([73]).

إنّ (السّجود) الذي أُجريَ على (الكواكب) -سواءٌ كان المراد منه سجودَ تواضعٍ أم سجودًا حقيقيًّا- جعلتِ الكواكبَ تُخالطُ العقلاء بصفةٍ من صفاتهم، وظهر أثر هذه المخالطة في الإعراب (في ياء الجمع المذكر السالم)، وهذا سائغٌ في كلام العرب، وهو أن يُعطى الشيءُ حكمَ الشيء للاشتراك معه في وصف ما، وإن كان الوصفُ أصله أن يخصّ أحدهما، ومثاله في القرآن الكريم كثيرٌ، قال تعالى في صفة الأصنام )وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ( ([74]) أُعطيت الأصنام صفة من صفات العقلاء (النظر-البصر) فظهر أثر هذه الملابسة المعنوية في عود الضّمير المختص بالعقلاء (هم) على الأصنام، والعربُ تجمع ما لا يعقل جمع مَن يعقل إذا أنزلوه منزلته، واستشهد الشيخ عليه بقوله تعالى )إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ(.

استحسانٌ

وأختمُ بحثي باستحسان قراءة قرآنية راقت للشيخ البهائيّ تتعلّق بالوصل والفصل. قال الشيخ البهائيّ: "يقال: إنّ أبا عمرو بن العلا قال: قرأتُ )وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي(([75]) فاخترتُ تحريكَ الياء هيهنا لأنّ السّكون ضربٌ من الوقف، فلو سكنت الياء هيهنا كنتُ كالذي ابتدأ، وقال لا أعبدُ الذي فطرني، فاخترتُ تحريك الياء هربًا من ضرب الوقف، وهذا من أبي عمرو في غاية الدّقة في المعاني اللّطيفة"([76]).

إنّ قراءةً قرآنيّةً قرأها الجمهور وخرّجها أبو عمرو بن العلاء أطربتِ الشيخَ البهائيّ، فوصفها بأنّها (بغاية الدّقة في المعاني اللّطيفة)، فما وجهُ الدّقة واللّطف فيها؟

في سورة (يس) قصّةُ رجلٍ مؤمنٍ (جاء من أقصى المدينة يسعى) فقال للكفّارُ )اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا(([77]) أي: يا معاشرَ الكفّار اتّبعوا المرسلين الذين لا يطلبون منكم الأجرَ، ولا يسألونكم أموالكم على ما جاؤوكم به من الهدى، فلمّا قال هذا أخذوهُ ورفعوهُ إلى الملك، فقال له الملكُ: أفأنتَ تتبع المرسلين؟ فقال )وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي( فاللّفظُ يعودُ على المتكلّم من خلال الضمير، والمقصودُ المخاطبين من الكفّار، وأصل الكلام: (يا قوم، ما لكم لا تعبدون الذي فطركم) فنسبَ العبادةَ إلى نفسه تلطّفًا في الإرشاد، وهو يريدُ نصحهم، فهو اختار لهم ما يختار لنفسه، وقوله لهم )وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي( تقريرٌ لهم على جهة التوبيخ في هذا الأمر، وكأنّه يريدُ أن يقول لهم: مَنْ فطرَ واخترعَ وأخرجَ من العدم إلى الوجود هو الذي يستحقّ أن يُعبدَ "وأيّ شيءٍ لي إذا لم أعبدْ خالقي الذي أنشأني وأنعم عليّ وهداني"([78]).

ومدار الحديث حول الوقف والوصل في قراءة قوله تعالى )وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي( "فأسكنَ الياء من (لي) حمزة ويعقوب والأعمش، وفتحها الباقون من جمهور القرّاء"([79]).

وفتحُ ياء (لي) فيه معنى لطيفٌ قالهُ أبو عمرو بن العلاء متعلّقٌ بالوقف، فما هو الوقف والوصل في القراءة؟

الوقف عند القرّاء وأهل التجويد هو العلم الذي يرشدُ قارئَ القرآن إلى مراعاة وقوفه، حرصًا على اتّساق المعنى، وسلامة اللّغة، بغرض الفهم والإدراك"([80])، والوقف في اصطلاح علماء العربية هو "قطع الكلمة عن الحركة"([81])، والقطع يعني الإسكان والسّكوت على آخر الكلمة قاصدًا مختارًا، سواء كان بعدها كلمة أو كانت آخر الكلام.

إنّ المتكلّم أو القارئ يجدُ نفسه إزاء حاجة ملحّة للوقف بغرض إراحة النَّفَس من أجل استرجاعه، واستئناف القراءة، لذا سُمّيت بـ"ياء النَّفَس"([82])، أو من أجل تبيان الفروق بين المعاني المختلفة عن طريق المستوى الصّوتي لضبط العلاقة بين ظاهر اللّفظ ومضمون القصد، وهناك أسبابٌ ودواعٍ أخرى كإتمام السّجع وغيرها..

إنّ المتكلّم أو القارئ يعبّر عن غرضه وعن دلالات الكلام بالوقف والتنغيم وتلوين الكلام، ثمّ إنّ مقتضى الحال الذي هو فيه يحدّد طابع الكلام، كي لا يقع القارئ أو المتكلّم في اللّحن أو الخطأ أو الاشتباه من السّامع.

بعد هذه المقدّمة المتعلّقة بالوقف وأغراضه نعودُ إلى قراءة أبي عمرو بن العلاء وتخريجه تحريك ياء (ليَ) بالفتح، ووَصْل مقطعَي الآية، ولم يُسكّن لأنّ السّكون ضربٌ من الوقف، وإذا وقف على (لي) في (ما ليْ) وقطع الكلام بالإسكان ثمّ استأنف فقال (لا أعبدُ الذي فطرني) فإنّ مقطعَي الآية لا يكوّنان مقطعًا صوتيًّا واحدًا من دون وقف أو فصلٍ، وأما إذا وصلنا مقطعي الآية بفتحة على الياء فإنه يتأمَّن الحرصُ على اتّساق المعنى، بغرض الفهم والإدراك، ولكي يتأمّن التقرير لهم على جهة التوبيخ وصلَ أبو عمرو المقطعين بواسطة الفتحة على الياء "إذ كان لا يَحْسنُ الوقف عليها والابتداء بما بعدها"([83])، هذا الأمر اللّفظيّ ضبطَ العلاقة الصوتيّة بين ظاهر اللّفظ ومضمون القصد، مما دفعَ الشيخ البهائيّ إلى أن يُعجبَ بهذا التخريج، واعتبره "في غاية الدّقة في المعاني اللّطيفة".

خاتمة

بعد هذه المقدّمة المتعلّقة بالوقف وأغراضه نعودُ إلى قراءة أبي عمرو بن العلاء وتخريجه تحريك ياء (ليَ) بالفتح، ووَصْل مقطعَي الآية، ولم يُسكّن لأنّ السّكون ضربٌ من الوقف، وإذا وقف على (لي) في (ما ليْ) وقطع الكلام بالإسكان ثمّ استأنف فقال (لا أعبدُ الذي فطرني) فإنّ مقطعَي الآية لا يكوّنان مقطعًا صوتيًّا واحدًا من دون وقف أو فصلٍ، وأما إذا وصلنا مقطعي الآية بفتحة على الياء فإنه يتأمَّن الحرصُ على اتّساق المعنى، بغرض الفهم والإدراك، ولكي يتأمّن التقرير لهم على جهة التوبيخ وصلَ أبو عمرو المقطعين بواسطة الفتحة على الياء "إذ كان لا يَحْسنُ الوقف عليها والابتداء بما بعدها".."([84])، وهذا يدلّ على أنّ الشيخ البهائيّ قد أدرك في وقت مبكّر وجوبَ تيسير النحو العربيّ...

أتمنّى لمؤتمركم الكريم خدمة العلم والعلماء، وأخصُّ بالذّكر علماء جبل عامل، وأتمنّى أن يخرج مؤتمركم بتوصيات عمليّة تسعى إلى إخراج تراث عالِمنا الكبير الشيخ بهاء الدين محمّد العاملي إلى الوجود.

(انتهى المقال)

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

([41]) في الأصل (لم يجزا) وهو خطأ لا يخفى.

([42]) الشيخ البهائيّ: الكشكول، ج2، ص173.

([43]) ابن يعيش: شرح المفصل للزمخشري، ج2ص258.

([44]) الرّضي الأسترآبادي، محمد بن الحسن (.. ـ نحو 686 هـ): شرح الرّضي على الكافية، ج2، ص379، جامعة قار يونس، 1978م.

([45]) ابن يعيش: شرح المفصل للزمخشري، ج2، ص274.

([46]) م. ن: ج2، ص275.

([47]) م. ن : ج2، ص272.

([48]) م. ن : ج2، ص275.

([49]) م. ن : ج2، ص275.

([50])سورة هود: الآية116.

([51]) الزمخشري: الكشّاف، ج2، ص421.

([52]) الفراء: معاني القرآن، ج2، ص30 و 31.

([53]) المرادي، الحسن بن قاسم (ت749هـ): الجنى الدّاني في حروف المعاني، ص332، دار الكتب العلميّة، بيروت ـ لبنان، 1992م.

([54]) ابن هشام الأنصاري: مغني اللّبيب، ج1، ص403.

([55]) الشيخ البهائيّ: الكشكول، ج2، ص238.

([56]) م. ن: ج2، ص238.

([57]) الأندلسي، ابو حيّان: تفسير البحر المحيط، عند تفسيره الآية 116 من سورة هود.

([58]) راجع: ابن يعيش: شرح المفصل للزمخشري، ج4، ص526؛ الرضي الأسترأبادي: شرح الرّضي على الكافية، ج4، ص340؛ السيوطي: همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، ج1، ص438.  

([59]) الشيخ البهائيّ: الكشكول، ج2، ص235.

([60]) الشيخ البهائي: الكشكول، ج2، ص235.

([61]) سيبويه، الكتاب، ج2، ص552.

([62]) ابن يعيش: شرح المفصل للزمخشري، ج1، ص449.

([63]) الغلاييني، مصطفى: جامع الدّروس العربيّة، ج1، ص43.

([64]) الشيخ البهائيّ: الكشكول، ج2 ص236. والشرط الذي ذكره البهائي أورده ابن معطي بقوله: " المفعول له مصدر لا من لفظ العاملِ فيه، مقارنًا له في الوجود".

([65]) م. ن : ج2، ص236.

([66]) سورة الانعام: الآية151.

([67]) الشيخ البهائي: الكشكول، ج2، ص108.

([68]) سورة يوسف: الآية4.

([69]) الرؤيا: تصوّر المعنى في المنام على توهّم الإبصار.

([70]) سورة فصلت: الآية 4 ؛ وتمام الآية )وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(.

([71]) سورة فصّلت: الآية18.

([72]) الفراء: معاني القرآن، ج2، ص35.

([73]) الأنصاري، ابن هشام (708-761 هـ): مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،ج2،ص894، انتشارات كلستان، إيران، ط2، 1370هـ. ش.

([74]) سورة الأعراف: الآية198 ؛ تمام الآية )وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ(.

([75]) سورة يس: الآية22.

([76]) الشيخ البهائيّ: الكشكول، ج2، ص101.

([77]) سورة يس: الآية21.

([78]) الطبرسي، الفضل بن الحسين (472-561هـ) : مجمع البيان في تفسير القرآن، ج23، ص18، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان، د.ت.

([79]) راجع: الأزهريّ، محمد بن أحمد (282-370هـ): كتاب معاني القراءات، ص400، دار الكتب العلميّة، بيروت - لبنان، ط1، 1999م ؛ النحاس، أبو جعفر: إعراب القرآن، ص715.

([80]) الأنباري، أبو بكر (ت328هـ): إيضاح الوقف والإبتداء، ص21 و 22، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق - سوريا، 1972م.

([81]) نقره كار: شرح على شافية ابن الحاجب (ت776 هـ)، ص111، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، د. ت.

([82]) النحاس، أبو جعفر (ت 388هـ): إعراب القرآن، ص715.

([83]) العكبري، عبد الله بن الحسين (ت616هـ): التبيان في إعراب القرآن، ج2، ص294، دار الكتب العلميّة، بيروت - لبنان، 1992م.

([84]) مقالة للشيخ جعفر المهاجر، عنوانها: إنّ بهاء الدّين ثروةٌ سائبة، مجلة الثقافة الإسلاميّة، العدد الخامس، 1986م.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

مصادر ومراجع البحث

1.       القرآن الكريم

2.       ابن السّراج النحوي، محمد بن سهل: الأصول في النحو، مؤسسة الرسالة، بيروت ـ لبنان، ط3، 1988م.

3.       ابن منظور، محمد بن مكرم (630 -711 هـ): لسان العرب، مادة (أَنَسَ)، دار صادر، بيروت ـ لبنان، ط1.

4.       ابن يعيش الموصلي(553 -643 هـ): شرح المفصّل للزمخشري، دار الكتب العلميّة، بيروت ـ لبنان، ط1، 2001م.

5.       أبو حيّان الأندلسي، محمد بن يوسف(654 - 745هـ): تفسير البحر المحيط، دار الفكر، بيروت الطبعة الثانية، 1403هـ.

6.       الأزهري، محمد بن أحمد ((282 -370 هـ): تهذيب اللّغة، دار الصادق للطباعة والنشر، د. ت.

7.       الأزهريّ، محمد بن أحمد(282 - 370 هـ): كتاب معاني القراءات، دار الكتب العلميّة، بيروت ـ لبنان، ط1، 1999م.

8.       الألُّوسي، أبو الثناء شهاب الدين (1217-1270هـ): روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، ط4، 1985م.

9.       الأنباري، أبو بكر(ت328هـ): إيضاح الوقف والإبتداء، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق ـ سوريا، 1972م.

10.    الأنصاري، ابن هشام(708 - 761 هـ): مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، انتشارات كلستان، إيران، ط2، 1370هـ. ش.

11.    البقاعي، برهان الدين (809 - 885 هـ): نظم الدرر في تناسب الآيات والسور(يُعرف بـ(تفسير البقاعيّ))، دار الكتب العلميّة، بيروت ـ لبنان، ط1، 1415هـ.

12.    الجوهري، إسماعيل بن حماد (000 ـ 393 هـ): الصّحاح في اللغة، دار الحضارة العربية، بيروت ـ لبنان، ط1، د. ت.

13.    الرازي، عبد القادر: مختار الصّحاح، مكتبة لبنان، بيروت، 1993م.

14.    الرّضى الأسترأبادي، محمد بن الحسن (.. ـ نحو 686 هـ): شرح الرّضى على الكافية، جامعة قار يونس، 1978م.

15.    الرضى الصغاني، الحسن بن محمد (577 ـ 650 هـ): العباب الزاخر، دار الرشيد للنشر، 1980م.

16.    سيبويه (148 - 180 هـ): الكتاب، منشورات مؤسسة الأعلمي، بيروت ـ لبنان، ط3، 1990م.

17.    السيوطي، جلال الدين (ت911هـ): همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، دار الكتب العلميّة، بيروت ـ لبنان، 1998م.  

18.    الصدر، حسن(1272 هـ ـ 1354هـ): تكملة أمل الآمل، دار الأضواء، بيروت ـ لبنان، 1986م.

19.    الطبرسي، الفضل بن الحسين(472 ـ 561هـ) : مجمع البيان في تفسير القرآن، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان، د.ت.

20.    العاملي، بهاء الدّين محمد: الكشكول، منشورات مؤسسة الأعلمي، بيروت ـ لبنان، ط6، 1983م.

21.    عباس، دلال: بهاء الدّين العاملي، دار المؤرّخ العربي، بيروت ـ لبنان، ط1، 2010م.

22.    العكبري، عبد الله بن الحسين(ت616هـ): التبيان في إعراب القرآن، دار الكتب العلميّة، بيروت ـ لبنان، 1992م.

23.    الغلاييني، مصطفى: جامع الدّروس العربيّة، المكتبة العصرية للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، ط29، 1994م.

24.    الفراء، يحيى بن زياد (ت207هـ): معاني القرآن، دار السرور، بيروت ـ لبنان، د. ت.

25.    الفراهيدي، الخليل بن أحمد (100 ـ 170هـ): العين، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، 1988م.

26.    الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب(729 ـ 817 هـ): القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، بيروت ـ لبنان، ط2، 1407هـ.

27.    المرادي، الحسن بن قاسم(ت749هـ): الجنى الدّاني في حروف المعاني، دار الكتب العلميّة، بيروت ـ لبنان، 1992م.

28.    مرتضى الزبيدي، محمد بن محمد (1145 ـ 1205 هـ): تاج العروس من جواهر القاموس.

29.    النحاس، أبو جعفر(000ـ 338 هـ): معاني القرآن، عالم الكتب، بيروت ـ لبنان، ط1، 2005م.

30.    نقره كار، عبدالله بن محمد(ت776هـ): شرح على شافية ابن الحاجب، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، د. ت.

 

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الرابع والعشرون