العدد الثاني / 2005م  /1426هـ

     رجوع     محتويات العدد     أرشيف المجلة     الرئيسية

.

تتمة مقال =  فصل الخطاب في الميزان

الدليل السادس:

ما روي من اختلاف بعض المصاحف في زيادة سورة أو آية، من قبيل زيادة سورتي الخلع والحفد في مصحف أُبي بن كعب، وسورة الولاية، وكذلك زيادة بعض الآيات مثل آية: الشيخ والشيخة إذا زنيا فاجلدوهما البتة الخ.. وما إلى ذلك.

ونقول:

أما بالنّسبة للكلمات المدرجة في الآيات، مثل كلمة «إلى أجل مسمّى»، ونحوها.. فإنّ المراجع لها يجد أنها إمّا جاءت على سبيل التفسير، أو لبيان التأويل المروي([1]).

وأمّا ما زعموا أنه سور وآيات، فهي إمّا أدعية وابتهالات، مثل سورتي الخلع، والحفد([2])، أو أنها مواعظ وعظات، تخيلوا أنها من القرآن، وهي ليست منه، أو تضمنت مطالب وأمورًا، أحب بعضهم أن يدخلها في القرآن إشباعًا لبعض رغباته، مثل: الحديث عن رجم الشيخ والشيخة([3]).

ومثل: الحديث عن رضاع الكبير([4])..

ومثل: {لو كان لابن آدم واديان من تراب لابتغى واديًا ثالثًا}([5]).. وما إلى ذلك..

كما أن ابن مسعود لم يذكر المعوذتين في مصحفه، لتخيّله أنهما عوذتان للحسنين «عليهما السلام»([6])..

الدليل السابع:

ما رواه غير الشيعة من إحراق عثمان للمصاحف، وحمله الناس على قراءة واحدة.

وجوابه واضح: فإنّ اللّحن كان قد فشا في الناس، وكثرت القراءة بلهجات القبائل المختلفة.. فكان ما عمله عثمان هو: أنه جمع الناس على قراءة واحدة.

وهذا إجراء حسن، يهدف إلى حفظ القرآن من التحريف لا العكس، وأيده فيه أمير المؤمنين «عليه السلام»([7])، ولكنه لم يرض بالإحراق لسائر المصاحف، المكتوبة وفقًا لسائر اللهجات، لما في الإحراق من الإهانة للقرآن.

الدليل الثامن:

روايات غير الشيعة حول نقص القرآن وذهاب كثير من آياته وسوره([8]).

وهذا الدليل أيضًا واه: فإن تلك الروايات غير صحيحة، فراجع كتابنا: «حقائق هامة حول القرآن الكريم» صفحة 343 الى صفحة 345، و353 الى 368.

إلا إذا كان المقصود هو: ذهاب تفاسير وبيانات للمعاني القرآنية، لا ذهاب نفس الآيات القرآنية، كما تقدّم في التعليقة رقم (18) .

يتبع=

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) قال ابن الجزري : (ربما يدخلون التفسير في القراءة إيضاحًا وبيانًا لأنهم محقّقون لما تلقّوه عن النبي (ص) قرآنًا، فهم آمنون من الالتباس، وربما كان بعضهم يكتبه معه) .

وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 1/86: (وما يؤثر عن الصحابة والتابعين أنهم قرأوا بكذا وكذا، إنما ذلك على جهة البيان والتفسير). راجع النشر 1/32؛ والإتقان 1/77 ؛ وحقائق هامة ص224.

([2]) زعموا أنه يوجد في مصحف ابن عباس وقراءة أُبي وأبي موسى : (بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يهجرك)، وفيه: (اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نخشى عذابك ونرجو رحمتك،إن عذابك بالكفار ملحق)، راجع الإتقان 1/65، 2/26 ؛ والدرّ المنثور 6/421 ؛ والبرهان للزركشي 2/37-127 ؛ وروح المعاني 1/25 ؛ وأكذوبة تحريف القرآن ص33 ؛ وحقائق هامة ص328-329 .

([3]) روي أن عمر بن الخطاب كان يعتقد أن القرآن ينقصه آية الرجم وهي على حدّ زعمه التالية: {اذا زنيا الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة، نكالاً من الله والله عزيز حكيم}، أو نحو ذلك، يقول عمر: (لولا أن يقول الناس إن عمر زاد في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي) راجع صحيح البخاري 4/ 152-153-115، وسنن الدارمي 2/179 ، وصحيح مسلم 5/116 ، ومسند أحمد 1/23-29-36-40-43-50-55 ، وج5 ص132 -183 ، وحقائق هامة ص346 ، وغيرها الكثير.

([4]) عن عائشة : (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات)، ويقولون إن آية الرجم ورضاع الكبير كانت في صحيفة تحت سرير عائشة، فلما مات رسول الله (ص) وتشاغلوا بموته، دخلت الداجن وأكلت تلك الصحيفة -كما تقول عائشة- ، قال ابن عبد البر: (أنكر جماعة أزواج النبي(ص) على عائشة رضاع الكبير، ولم تأخذ واحدة منهن بقولها في ذلك، وأنكر ذلك ايضا ابن مسعود على أبي موسى الأشعري، ولهذه الآية المزعومة قضيّة يذكرونها في كتبهم وملخصها: أن عائشة قد روت هذه الروايات لزوجات النبي محتجّة بها عليهن وهي أنه بعد نزول آية {ادعوهم لآبائهم} وجدت زوجة أبي حذيفة أن زوجها يتأذى من دخول سالم عليها وهي على غير استعداد، فرفعت أمرها الى رسول الله، فأمرها بإرضاعه خمس رضعات، وفي رواية عشر رضعات، ففعلت، فصارت يدخل عليها، وذهب ما في نفس أبي حذيفة، فكانت عائشة تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبّت عائشة أن يراها ويدخل عليها إن كان كبيرًا خمس رضعات ثم يدخل عليها. وابت أم سلمة وسائر ازواج النبي أن يدخلن عليهن أحدًا بتلك الرضاعة حتى يرضع في المهد.. راجع صحيح مسلم 4/167-168 ؛ والترمذي 3/456 ؛ وحقائق هامة ص332 و335 و338 و339 ؛ وغيرها.

([5]) راجع صحيح مسلم 3/100 ؛ والترمذي 5/666 ؛ ومسند أحمد 5/131-132 ؛ وحقائق هامة 325 الى ص328 ؛ وغيرها.

([6]) راجع صحيح البخاري 3/144 ؛ ومسند أحمد ج5 ص129 -130 ، وتفسير القمّي 2/450  والإتقان 1/65-79-80 ؛ وحقائق هامّة ص376 ؛ وغيرها.

([7]) راجع البرهان في علوم القرآن 1/240- 235 ؛ وسنن البيهقي 2/42 ؛ والإتقان 1/59-60 ؛ والجامع لأحكام القرآن 1/54 ؛ وحقائق هامة ص192 ؛ وغيرها.

([8]) راجع الإتقان 2/25 ؛ والجامع لأحكام القرآن 14/13 ، والدرّ المنثور 5/180 ؛ ومستدرك الحاكم 4/359 ؛ ومسند أحمد 5/132 .

وتقدّم ما يدل على ذلك في الدليل الخامس وفي الردّ عليه.

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثاني    أرشيف المجلة     الرئيسية                                                                           يتبع=