العدد الثاني / 2005م  /1426هـ

     رجوع     محتويات العدد     أرشيف المجلة     الرئيسية

.

تتمة مقال = فصل الخطاب في الميزان

الدليل التاسع:

ما رواه الشيعة من أنّ أسماء الأئمة (عليهم السلام) قد كتبت في الكتب السماوية السابقة وقد حُذفت([1])، والمفروض أنها لا توجد في هذا القرآن المتداول أيضًا، فلا بد من أنها قد كانت موجودة ثم حذفت، إذ إن ما جرى في الأمم السابقة، لابد أن يجري في هذه الأمة أيضًا..

وقد عرفنا فيما سبق (في الردّ على الدليل الأول): بطلان أساس هذا الاستدلال، وقد قلنا: إنه لا ملازمة بين التحريف اللّفظي للكتب السابقة وبين التحريف اللفظي للقرآن، إذ يكفي تحريف معانيه، وحدوده.

الدليل العاشر:

روايات غير الشيعة، وقليل من روايات وردت في كتب الشيعة أيضًا حول اختلاف القراءات، والحديث المروي: أن القرآن قد نزل على سبعة أحرف. أشهر من أن يذكر([2]).

ولكننا نقول: إن حديث نزول القرآن على سبعة أحرف لا يصحّ، بل هو قد نزل على حرف واحد من عند الواحد، كما روي عن أئمّة أهل البيت «عليهم السلام»([3])..

كما أن حديث اختلاف القراءات، وإبدال بعض الكلمات بكلمات أخرى حديث ساقط، لأن ذلك من شأنه أن يحدث الخلل في النص القرآني، وهو يجعل اختيارات القرّاء وحيًا إلهيًا، ونصًا قرآنيًا، وهو أمر غير صحيح.

مع ملاحظة: أن نقل هذه القراءات في مواردها الخاصة لا تقوم به حجة، ولا يوجب علمًا، ولا عملاً..

نعم.. يمكن قبول القراءة حسب اختلاف اللهجات، وما عدا ذلك يدخل في دائرة التّفسير والتّأويل.. أو أنه مكذوب، ومختلق..

الدليل الحادي عشر:

روايات منسوبة إلى الشيعة تتحدث عن وقوع التّحريف في القرآن([4])، غير أنّنا أثبتنا -في كتابنا حقائق هامة- أن المقصود بها هو تحريف المعنى، لا اللفظ، (فراجع ص55 الى ص57).

الدليل الثاني عشر:

روايات كثيرة، ولها طرق كثيرة قد تصل بمجموعها إلى الألف، أو أكثر تتحدث عن آيات قد حرّفت في بعض مواردها..

ونقول:

أولاً: إن من يراجع هذه الروايات يجد: أن أكثرها يدخل في دائرة القراءات، أو التفسير أو التأويل، أو تدخل في دائرة القصور في القراءة لدى بعض الناس، أو أنها ناشئة عن الخطأ في النّسخ والكتابة لمصحف بعينه، أو لعدم وجود النقط والشكل، وما إلى ذلك..

ثانيًا: إن الألف رواية المشار إليها لا يصحّ الاستدلال بها من جهة أخرى أيضًا، وهي أن أكثر من 320 رواية منها رغم التكرار فيها، وفي طرقها.. تنتهي إلى السياري. الذي يقولون عنه: إنه فاسد المذهب، منحرف، غال، وملعون على لسان الإمام الصادق «عليه السلام»، وقد طعن به جميع الرجاليين الذين ذكروه..

وأكثر من 600 رواية أو طريق من الألف هي عبارة عن مكررات، والفرق بينها، إما من جهة نقلها من كتاب آخر، مع وحدة السند، أو من اختلاف الطريق.

وما عدا هذين القسمين، فإن أكثر من مئة حديث منها عبارة عن قراءات مختلفة، أكثرها عن الطبرسي في مجمع البيان، الذي يورد في الأكثر قراءات وأقوال غير الشيعة، كقتادة، ومجاهد، والسّدي، وعكرمة، وغيرهم.

وتبقى روايات يسيرة جدًا لا تستحق الذكر والالتفات، ولا يصح الاعتماد عليها في إثبات أمر كهذا([5]).

هذا كلّه عدا عن أن قسمًا من أخبار التحريف منقول عن علي بن أحمد الكوفي، الذي وصفه علماء الرجال: بأنّه كذّاب، فاسد المذهب([6]).

وثمّة قسم آخر منقول عن آخرين معروفين بالضعف، وبالانحراف، مثل:

يونس بن ظبيان، الذي ضعَّفه النجاشي، وقال عنه ابن الغضائري: «غال كذّاب، وضّاع للحديث»([7]).

ومُنَخّل بن جميل الكوفي، الذي يقولون عنه: إنه غال، منحرف، ضعيف، فاسد الرواية.

ومحمد بن حسن بن جمهور، وهو الآخر: غال فاسد المذهب، ضعيف الحديث..

وأمثال هؤلاء لا يصح الاعتماد على ما يروونه في أبسط المسائل الفرعية، فكيف بما يروونه في هذه المسألة الخطيرة جدًا؟! والتي هي من أعظم المسائل، وعليها يتوقف أمر الإيمان، ومصير الإسلام..

هذا.. ونحب أن نثير الانتباه إلى ضرورة دراسة الدواعي والأسباب التي دعت هؤلاء الغلاة، وفاسدي المذهب للقيام بهذا الدور الهدّام والخبيث.. الذي تقرّ به عيون الزنادقة، ويبتهج له مردة اليهود وغيرهم من القوى الكافرة..

ولسنا بحاجة إلى التذكير بأن الغلاة ليسوا من الشيعة، ولم يزل الشيعة يتجنّبونهم، ويظهرون إدانة نهجهم، ويعلنون للناس انحرافهم، فلا يصح نسبة ترهاتهم وأباطيلهم وكيدهم الخفي إلى الشيعة.

انتهى المقال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) راجع الكافي 1/342 الى ص361 ؛ وتفسير القمي 1/11و211 ، و2/125.

([2]) نقل الكاتب في كتابه حقائق هامة ص177-178 عشرات المصادر لهذا الحديث، منها صحيح مسلم 2/202 الى ص204 ، وج3 ص146 ؛ ومسند أحمد 6/433 -463، معظمها من كتب السنّة وبعضها من كتب الشيعة، وقال : (ذكر ابن الجزري اسم عشرين صحابيًا كلهم روى هذا الحديث).

([3]) راجع الكافي 2/461 ؛ وتفسير البرهان 1/1 ؛ والوافي 5/272 -273 ؛ والوسائل ج4 هامش صفحة 822 ؛ وحقائق هامة ص178 -179 .

([4]) روى في بصائر الدرجات ص413-414 ؛ والكافي 8/125 ؛ والبيان ص247: عن أبي جعفر (ع) قوله: (أما كتاب الله فحرّفوا)، وفي مقتل الحسين (ع) للخوارزمي أن الحسين (ع) قال يوم عاشوراء لجيش يزيد: (فإنما أنتم من طواغيت الأمة وشذّاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الآثام، ومحرّفي الكتاب، ومطفئي السنن..الخ)، وذكر السيد الخوئي (قده) في البيان ص246 الى ص248 عدّة روايات تتحدّث عن وقوع التحريف في القرآن، وراجع حقائق هامة ص54.

([5]) هذه الإحصائية مذكورة في كتاب أكذوبة تحريف القرآن للشيخ رسول جعفريان ص68 الى ص71 فراجع.

([6]) كما ذكر السيد الخوئي في البيان ص246.

([7]) راجع رجال النجاشي ص265.

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثاني    أرشيف المجلة     الرئيسية