قرآننا الفعلي
هو نسخة علي بن أبي طالب (عليه السلام):
والحمد لله أن كل المؤشرات تدل على صحة ذلك. ومن أوَّلِها
أن أوصاف المصاحف التي كانت موجودة عند تدوين المصحف
الإمام لا تنطبق عليه،
ولا
على مصحف عبد الله بن مسعود، ولا على مصحف أُبَيِّ
بن كعب، ولا على مصحف أبي موسى الأشعري، ولا على مصحف عمر،
ولا على مصحف زيد بن ثابت..
بل يكفي أن نرجع إلى عدد السُوَر
والقراءات التي ذُكرت
في مصاحفهم لنرى أنها تختلف عن عدد سور مصحفنا الفعلي..
إلا مصحف علي
(عليه السلام)!
وحتى قراءة عثمان لا تنطبق عليها النسخة الفعلية إذا صح أن
عثمان كان له اعتراض على عدد من جمل أو كلمات المصحف الذي
كتبته اللجنة!
فقد قال في كنز
العمال: 2/586:
[- عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر القرشي قال: لما فُرغ
من المصحف أُتي به عثمان فنظر فيه فقال: قد أحسنتم
وأجملتم، أرى شيئًا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها، (أخرجه
ابن أبي داود وابن الأنباري).
-
وعن
قتادة:
أن عثمان لما رُفع
إليه المصحف قال: إن فيه لحنًا وستقيمه العرب بألسنتها.
(ابن أبي داود وابن الأنباري).
- وعن
قتادة عن نصر بن عاصم الليثى عن عبد الله بن فطيمة عن يحيى
بن يعمر قال:
قال عثمان: إن في القرآن لحنًا وستقيمه العرب بألسنتها!
(ابن
أبي داود).
- وعن
عكرمة قال: لما أُتي
عثمان بالمصحف رأى فيه شيئًا من لحن، فقال: لو كان المملي
من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا (ابن الأنباري
وابن أبي داود )] انتهى.
والحمد لله أنه لم يكن في المصحف الإمام لحن ولا خطأ! وما
أقامت العرب (لحنه) بألسنتها!
بل قَوَّم
هو ألسنة العرب وأقام لحنها، لأنه كما وصفه عثمان:
[القرآن
الذي كُتب
عن فم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أوحاه الله إلى
جبريل، وأوحاه جبريل إلى محمد وأنزله عليه، وإذا
القرآن غضّ...
]انتهى.
وانتهى الأمر!
يبقى هنا سؤال
هام:
وهو أنه لم يُعرَف عن أمِّ
المؤمنين عائشة أنها كانت تملك هذه الثروة العظيمة.. ولو
كانت عندها لحدَّثت
عنها عشرات الأحاديث، قبل كتابة المصحف الإمام عنها وبعده،
وهي التي تحدَّثت
عن كل ما يرتبط بها من النبي
(صلى الله عليه وآله)
حتى في الأمور الشخصية، وافتخرت بكل ما يمكن أن يكون حظوة
لها عند النبي
(صلى الله عليه وآله)،
أو أثرًا منه عندها؟!
ولو كانت عندها لحلَّت بها مشكلة أبيها وعمر المزعومة، في
البحث عن سُوَر
القرآن وجمعه!!
والجواب: نعم هذا صحيح، وأحاديث عائشة تنفي أن تكون عندها
مثل هذه النسخة..
فلو كانت عندها لاشتهرت، ولاحتجَّت بها على نساء النبي
(صلى الله عليه وآله) عندما
خالَفْنها في مسألة رضاع الكبير، وفي مسألة كفاية خمس
رضعات.. ثم لو كانت نسخة القرآن عند عائشة لما استكتبت
نسخة من القرآن المتداول..
كما في
رواية مسلم: 2/112:
[عن أبي يونس مولى عائشة، أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب
لها مصحفًا وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني، حافظوا على
الصلوات والصلاة الوسطى، فلما بلغتها، آذنتها، فأملت عليَّ
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر، وقوموا
لله قانتين]. انتهى.
ما الحقيقة إذن؟ هل نستطيع القول إن عثمان يكذب في ادعائه
أن اللجنة كتبت المصحف الإمام عن مصحف غض كُتب بإملاء
النبي (صلى الله عليه وآله)؟!
كلاَّ.. فليس للخليفة مصلحة في إخبار أهل الأمصار بذلك،
إلا أنه يريد أن يطمئنهم ويفتخر لهم بثقته بالنسخة التي
كتب عنها القرآن.. وقرائن وصفه للنسخة وثقته بها تأبى أن
يكون قوله افتراء!
كل ما في الأمر أنها نسخة علي
(عليه السلام)،
وقد أراد عثمان أن يبتعد عن حساسيتهم من عليٍّ.. فنسبها
إلى عائشة، ولعله أشرك عبد الله بن الزبير ابن أخت عائشة
في اللجنة وأرسله إليها وأحضر نسخة مصحفها العادية، لكي
ينسب التدوين إليها!!
أرانا ملزَمين بهذه الفرضية، لأنها تملك مؤيدات كثيرة،
ولأن كل فرضية أخرى للنسخة الأم تواجهها مضعِّفات كثيرة!
ولا بد أن نستذكر هنا أن وجود سعيد بن العاص في مشروع
تدوين المصحف الإمام بصفته مُعرِّبًا
ومُمليًا
للمصحف، وبصفته أَمَويًِّا
من أقارب الخليفة، ومن أسرة موالية لعلي بن أبي طالب
(عليه السلام)..
ووجود حذيفة الذي له مكانة مميزة بين الصحابة، بصفته رائد
مشروع توحيد القرآن، ومن خاصَّة
أصحاب علي
(عليه السلام)..
يجعل لمصحف عليٍّ في اللجنة أسهمًا وافرة في أن تكون نسخته
هي النسخة الأم التي كتب عنها المصحف الإمام.
وقد روى الشيعة والسنة أن عليًا
(عليه السلام)،
كتب نسخة القرآن على أثر وفاة النبي
(صلى الله عليه وآله).
وروى
في كنز العمال: 13/127:
[عن محمد بن سيرين، قال: لما توفي النبي صلى الله عليه
وسلم أقسم عليّ أن لا يرتدي برداء إلا الجمعة حتى يجمع
القرآن في مصحف، ففعل. ابن أبي داود في المصاحف]. (ونحوه
ابن أبي شيبة في مصنفه: 7/197)
وقال ابن أبي شيبة في مصنفه: 7/204:
[عن ابن جريج، وعن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: القراءة التي
عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه
هي القراءة التي يقرأها الناس اليوم فيه]. انتهى.
ومن الذي عرض على النبي
(صلى الله عليه وآله)
نسخته قبيل وفاته، غير علي
(عليه السلام)؟!
بل لم يدَّع ذلك أحد من المسلمين غيره! وكفى بذلك دليلاً
شرعيًا!
ثم إن من المعروف أن مصحفنا الفعلي الذي جمعه عثمان،
بقراءة عاصم، التي هي قراءة علي
(عليه السلام)!
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: 2/426: [حفص، عن عاصم، عن أبي عبد
الرحمن قال: لم أخالف عليًا في شيء من قراءته، وكنت أجمع
حروف علي، فألقى بها زيدًا في المواسم بالمدينة، فما
اختلفنا إلا في التابوت. كان زيد يقرأ بالهاء، وعليّ
بالتاء].انتهى.
وهذه الرواية تكشف أن
الذي صحَّح [التابوت] وجعله بالتاء هو علي
(عليه السلام)!
وأن زيدًا بقي يقرؤها بالهاء إلى آخر عمره!
انتهى |